قال الراغب: " ثم أمر بالتجافى عنهم إلى أن يأتي الله بأمره تسكيناً لهم ووعداً بتغييره لقدرته على كل شك" (?).

واختلف في تفسير قوله تعالى: {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109] على وجوه (?):

أحدها: أن معناه: حتى يأتي الله بعذابه: القتل والسّبي لبني قريظة، والجلاء والنفي لبني النظير. قاله ابن عبّاس (?).

والثاني: أنه أمره بقتالهم في قوله تعالى: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ إلى وَهُمْ صاغِرُونَ} [التوبة: 29]. قاله قتادة (?)، وهو قول الجمهور (?).

الثالث: وقال ابن كيسان: "بعلمه وحكمه فيهم، حكم بعضهم بالإسلام ولبعضهم بالقتل والسبي والجزية" (?).

الرابع: وقيل: أراد به القيامة فيجازيهم بأعمالهم.

الخامس: وقيل: آجال بني آدم.

السادس: وقيل: قوة الرسالة وكثرة الأمة.

قال أبو حيان: " والجمهور على أنه الأمر بالقتال" (?).

واختلف في نسخ الآية على قولين (?):

أحدهما أنها منسوخة، ومن ثم اختلفوا في الناسخ على قولين:

القول الأول: أنها نسخت بقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم والصفح، بفرض قتالهم على المؤمنين، حتى تصير كلمتهم وكلمة المؤمنين واحدة، أو يؤدوا الجزية عن يد صغارا (?). وهذا قول ابن عباس (?)، وقتادة (?)، والربيع (?)، والسدي (?).

والقول الثاني وقيل: الناسخ لها: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 5] (?).

والثاني: وقال البعض بأنها غير منسوخة، "واحتجوا بأن الله لم يأمر بالصفح والعفو مطلقًا، وإنما أمر به إلى غاية، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها، وما هذا سبيله لا يكون من باب المنسوخ، بل يكون الأول قد انقضت مدته بغايته، والآخر يحتاج إلى حكم آخر" (?). قاله ابن الجوزي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015