والثاني: وقيل: " وإنما لم يعطَفْ أن مع ما في حيزها على ما سبق من مثلها روما لزيادة التأكيد وإشعاراً باستقلال العلم بكلَ منهما وكفايتِه في الوقوف على ما هو المقصودُ " (?).

قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 107]، " أي: ما لكم وليٌّ يرعى شئونكم أو ناصر ينصركم غير الله تعالى فهو نعم الناصر والمعين" (?).

قال الواحدي: " تحذير العباد من عذابه، إذ لا مانع منه" (?).

قال البيضاوي: " وإنما هو الذي يملك أموركم ويجريها على ما يصلحكم، والفرق بين الولي والنصير. أن الولي قد يضعف عن النصرة، والنصير قد يكون أجنبياً عن المنصور فيكون بينهما عموم من وجه" (?).

قال المراغي: " أي ناصركم ومعينكم هو الله وحده فلا تبالوا بمن ينكر النسخ أو يعيبكم به، وليس في استطاعته أن يلحق بكم أذى" (?).

قال الشوكاني: "وهذا صنع من لا وليّ لهم غيره، ولا نصير سواه، فعليهم أن يتلقوه بالقبول، والامتثال، والتعظيم، والإجلال" (?).

قال البغوي: " {مِنْ وَلِيٍّ}: قريب وصديق، وقيل: من وال وهو القيم بالأمور، {وَلا نَصِيرٍ}، أي: ناصر يمنعكم من العذاب" (?).

قال الراغب: " الولي: يقال تارة لمن له موالاة نسبية أو خلف، وتارة لمن له ولاية سلطانية، وإنما ذكر (الولي والنصير)، وهما متقاربان بالعنف، لأنه قد ينفك الولي من النصرة بأن يكون ضعيفاً، والنصير من الولاية بأن يكون عن المنصور أجنبياً" (?).

قال الآلوسي: "والولي: المالك، والنصير: المعين، والفرق بينهما أن المالك قد لا يقدر على النصرة أو قد يقدر ولا يفعل، والمعين قد يكون مالكا وقد لا يكون- بل يكون أجنبيا" (?).

بما تعلق به من العلم على تعلُّق إرادتِه تعالى بما ذُكر من الإتيان بما هو خيرٌ من المنسوخ أو بمثله فإن مجرَّد قدرته تعالى على ذلك لا يستدعي حصولَه البتة وإنما الذي يستدعيه كونُه تعالى مع ذلك ولياً ونصيراً لهم فمن علم أنه تعالى وليُّه ونصيرُه على الاستقلال يعلم قطعاً أنه لا يفعل به إلا ما هو خير له فيفوِّضُ أمرَه إليه تعالى ولا يخطُر بباله ريبةٌ في أمر النسخ وغيرِه أصلاً " (?).

قال أبو حيان: "انتقل من ضمير الإفراد في الخطاب إلى ضمير الجماعة (?)، وناسب الجمع هنا، لأن المنفي بدخول من عليه صار نصاً في العموم، فناسب كون المنفي عنه يكون عاماً أيضاً، كان المعنى: وما لكل فرد منكم فرد فرد {مِن وَلِيّ وَلا نَصِير}، ... ولما كانت الجملتان الأوليان للتقرير، وهو إيجاب من حيث المعنى، ناسب أن تكون الجملة الثالثة نفياً للولي والناصر، أي أن الأشياء التي هي تحت قدرة الله وسلطانه واستيلائه، فالله تعالى لا يحجزه عما يريد بها شيء، ولا مغالب له تعالى فيما يريد" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015