يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82]؛ لأن هذه الآية في صنف معين من النصارى: وهم الذين منهم القسيسون، والرهبان الذين من صفاتهم أنهم لا يستكبرون؛ فإذا وجد هذا الصنف في عهد الرسول، أو بعده انطبقت عليه الآية؛ لكن اختلفت حال النصارى منذ زمن بعيد؛ نسأل الله أن يعيد للمسلمين عزتهم وكرامتهم، حتى يعرفوا حقيقة عداوة النصارى، وغيرهم من أهل الكفر، فيعدوا لهم العدة (?).
القرآن
{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)} [البقرة: 106]
التفسير:
ما نبدِّل من آية أو نُزِلها من القلوب والأذهان نأت بأنفع لكم منها، أو نأت بمثلها في التكليف والثواب، ولكلٍ حكمة. ألم تعلم -أيها النبي- أنت وأمتك أن الله قادر لا يعجزه شيء؟
في سبب نزول الآية أقوال:
أحدها: قال الواحدي: " قال المفسرون: إن المشركين قالوا: أترون إلى محمد يأمر أصحابه؟ يأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا، ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه وهو كلام يناقض بعضه بعضا فأنزل الله: {وإذا بدلنا آية مكان آية} [النحل: 101]، الآية: وأنزل أيضا: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها} الآية" (?).
واورده الزمخشري (?) فلخصه، فذكر أنهم طعنوا في النسخ وكذلك القرطبي، وزاد أنهم أنكروا شأن القبلة (?).
والثاني: قال الثعلبي: " روي أبو أمامة سهل بن حنيف في مجلس سعيد ابن المسيب: إنّ رجلا كانت معه سور فقام يقرأها من الليل فلم يقدر عليها، وقام آخر يقرأها، فلم يقدر عليها، وقام آخر يقرأها فلم يقدر عليها، فأصبحوا فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال بعضهم: يا رسول الله قمت البارحة لأقرأ سورة كذا وكذا فلم أقدر عليها، وقال الآخر: يا رسول الله ما جئت إلّا لذلك، وقال الآخر: وأنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إنّها نسخت البارحة"" (?).
والثالث: وقال قتادة: " كانت الآية تنسخ الآية، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقرأ الآية من السورة ثم ترفع فينسيها الله تعالى نبيه، فقال الله تعالى يقص على نبيه {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} " (?). وروي عن مجاهد (?)، والحسن (?) نحو ذلك.