أحدهما: تعلمه لتمييز ما فيه كفر عن غيره، فلا محذور فيه إلا من جهة الاعتقاد فإذا سلم الاعتقاد فمعرفة الشيء بمجرده لا تستلزم منعاً (?)، كمن يعرف كيفية عبادة أهل الأوثان للأوثان (?)؛ لأن كيفية ما يعلمه الساحر إنما هي حكاية قول أو فعل، بخلاف تعاطيه والعمل به.

والثاني: تعلم السحر لإِزالته عمن وقع فيه، فإن كان لا يتم كما زعم بعضهم إلا بنوع من أنواع الكفر أو الفسق فلا يحل أصلاً وإلا جاز للمعنى المذكور (?) ... والله أعلم (?).

وقوله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} [البقرة: 102]، "أي: ابتلاء واختبار لكم" (?).

وقد ذكروا في قوله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة: 102]، وجهين من التفسير (?):

أحدهما: إنما نحن ابتلاء من الله، فلا تكفر باعتقاد جوازه والعمل به.

والثاني: أن هذا السحر بلاء ابتلينا به، وإنما نحن مفتونان فلا تكن مثلنا. قاله قتادة (?).

مفتونان فلا تكن مثلنا.

ومعنى (الفتنة) في كلام العرب: الابتلاء والامتحان (?)، وأصلها مأخوذ من قولك: فتنتُ الفضة والذهب: إنا أذبتهما بالنار؛ ليتميز الرديء من الجيد، وتعرف جودتهما من الرداءة، ومن هذا قوله عز وجل: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13]، أي: يحرقون بالنار، ومن هذا قيل للحجارة السود التي كأنها أحرقت بالنار: الفتين (?)، ثم جعل كل امتحان فِتْنَة، وقد جعل الله امتحانه عبيده المؤمنين باللأواء ليبلو صبرَهم فيثيبهم، أو جزعهم على ما ابتلاهم به فيجزيهم، جزاؤهم فتنة فقال: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ} إلى قوله: {وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 1 - 2] قيل في تفسيره: وهم لا يُبلَون في أنفسهم وأموالهم، وكذلك قوله: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [العنكبوت: 3]، أي: اختبرنا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015