فأفشوا السحر في الناس وتعلموه وعلموه، فليس في أحد أكثر منه في يهود. فلما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما نزل عليه من الله، سليمان بن داود وعده فيمن عده من المرسلين، قال من كان بالمدينة من يهود: ألا تعجبون لمحمد! يزعم أن سليمان بن داود كان نبيا! والله ما كان إلا ساحرا! فأنزل الله في ذلك من قولهم على محمد صلى الله عليه وسلم: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا} " (?)، وروي عن ابن عباس (?)، وشهر بن حوشب (?)، نحو ذلك.

الخامس: وأخرج الطبري " عن الربيع: إن اليهود سألوا محمدا صلى الله عليه وسلم زمانا عن أمور من التوراة، لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوه عنه، فيخصمهم، فلما رأوا ذلك قالوا: هذا أعلم بما أنزل إلينا منا! وأنهم سألوه عن السحر وخاصموه به، فأنزل الله جل وعز: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر}، وإن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك، فدفنوه تحت مجلس سليمان - وكان سليمان لا يعلم الغيب. فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس، وقالوا: هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه! فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، فرجعوا من عنده وقد حزنوا، وأدحض الله حجتهم" (?). وروي عن أبي العالية مثل لك (?).

السادس: قال أبو مجلز: "أخذ سليمان من كل دابة عهدا، فإذا أصيب رجل فسئل بذلك العهد، خلي عنه. فرأى الناس السجع والسحر، وقالوا: هذا كان يعمل به سليمان! فقال الله جل ثناؤه: {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} " (?).

قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} [البقرة: 102]، "أي واتبعوا طرق السحر والشعوذة التي كانت تحدثهم بها الشياطين" (?).

قال الزمخشري: أي: " نبذوا كتاب اللَّه واتبعوا كتب السحر والشعوذة التي كانت تقرؤها الشياطين" (?).

أخرج ابن أبي حاتم " عن الحسن: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} قال: ثلث الشعر، وثلث السحر، وثلث الكهانة" (?).

وقال ابن عباس: " اتبعوا الشهوات التي كانت الشياطين تتلو، وهي المعازف واللعب، وكل شيء يصد عن ذكر الله" (?).

قوله تعالى: {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102]، أي"في عهد مُلك سليمان" (?).

قال الزمخشري: أي: " على عهد ملك سليمان وفي زمانه" (?).

وقد اختلف أهل التفسير في الذين عنوا بقوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 1 - 2]، على وجوه (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015