وقال بنو إسرائيل لنبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم: قلوبنا مغطاة، لا يَنْفُذ إليها قولك. وليس الأمر كما ادَّعَوْا، بل قلوبهم ملعونة، مطبوع عليها، وهم مطرودون من رحمة الله بسبب جحودهم، فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلا لا ينفعهم.

قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88]، "أي في أكنة لا تفقه ولا تعي ما تقوله يا محمد" (?).

قال ابن عثيمين: " يعني مغلفة لا تصل إليها دعوة الرسل؛ وهذه حجة باطلة" (?).

قال النسفي: " أي هي خلقة مغشاة بأغطية لا يتوصل إليها ما جاء به محمد عليه السلام ولا تفقهه، مستعار من الأغلف الذي لا يختن" (?).

قال الصابوني: " والغرض إِقناطه عليه السلام من إِيمانهم" (?).

قال السعدي: " أي: اعتذروا عن الإيمان لما دعوتهم إليه، يا أيها الرسول، بأن قلوبهم غلف، أي: عليها غلاف وأغطية، فلا تفقه ما تقول، يعني فيكون لهم - بزعمهم - عذر لعدم العلم، وهذا كذب منهم" (?).

روي عن ابن عباس (?) ومجاهد (?) وقتادة (?) في هذه الآية: إنهم قالوا استهزاءً وإنكارًا وجحدًا لما أتى به محمد: قلوبنا عليها غشاوة، فهي في أوعية، فلا تعي ولا تفقه ما تقول يا محمد (?).

قال أبو عبيدة: "كل شيء في غلاف فهو أَغْلَف، قالوا: سيفٌ أَغْلَف، وقوس غلفاء، ورجل أغلف: لم يُختن" (?).

قال الواحدي: " وما يدرك به المعلومات من الحواس وغيرها من الأعضاء إذا ذُكِر بأنه لا يعلم وُصِفَ بأن عليه مانعًا من ذلك ودونه حائلًا، فمن ذلك قوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]، كأن القُفْل لما كان حاجزًا بين المُقْفَل عليه وحائلًا من أن يدخله ما يدخل إذا لم يَكن مُقفلًا جُعِل مَثَلًا للقلوب في أنها لا تعي ولا تفقَه، وكذلك قوله {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} [الكهف: 101] (1)، ومثل هذه الآية في المعنى قوله: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: 5] " (?).

وفي قوله تعالى: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقر: 88]، ثلاثة أقوال (?):

أحدها: يعني في أَغْطِيَةٍ وَأَكِنَّةٍ لا تفقه، وهذا قول ابن عباس (?)، ومجاهد (?)، وقتادة (?)، والسدي (?)، والأعمش (?)، وأبو العالية (?)، وابن زيد (?)، وسعيد بن جبير (?)، وعكرمة (?).

وقد روي عن حذيفة قال: "القلوب أربعة - ثم ذكرها - فقال فيما ذكر: وقلب أغلف، معصوب عليه، فذلك قلب الكافر" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015