قال أبو حيان: " أي: وإذا انفرد بعضهم ببعض، أي الذين لم ينافقوا إلى من نافق" (?).
قال الحسن: " وإذا خلا بعضهم إلى بعضهم، قال بعضهم: لا تحدثوا أصحاب محمد بما فتح الله عليكم مما في كتابكم، ليحاجوكم به عند ربكم فيخصمونكم" (?).
وفي هؤلاء الذين ذكرهم الله في قوله تعالى: {وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} [البقرة: 76]، قولان (?):
أحدهما: أنهم اليهود، إذا خلوا مع المنافقين، قال لهم المنافقون: أتحدثون المسلمين، بما فتح الله عليكم.
والثاني: أنهم اليهود، قال بعضهم لبعض: {أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيكُم}. قاله ابن عباس (?).
قوله تعالى: {قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ} [البقرة: 76]، أي"كيف تحدثون المؤمنين بالله ورسوله" (?).
قال أبو حيان: أي قالوا عاتبين عليهم، أتحدّثون المؤمنين" (?).
قال ابن عثيمين: " الاستفهام هنا للإنكار، والتعجب (?).
ومعنى التحديث: "الإخبار عن حوادث الزمان" (?).
قوله تعالى: {بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 76]، أي" بما فتح الله عليكم من بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى خلقه " (?)
قال ابن عثيمين: " أي من العلم بصحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم" (?).
قال ابن عباس: " وذلك أن نفرا من اليهود كانوا إذا لقوا محمدا صلى الله عليه وسلم قالوا: آمنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم" (?).
واختلف أهل التفسير في قوله تعالى: {بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 76]، على أقوال (?):
أحدها: بما فتح الله عليكم، أي بما أمركم الله به، رواه الضحاك عن ابن عباس (?).
والثاني: بما أنزل الله عليكم في التوراة، من نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم- وبعثه. {ليُحَآجُّوكم بَهِ عِنْدَ رَبِّكُم}، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس (?)، وهو قول أبي العالية (?) وقتادة (?).
والثالث: أنهم أرادوا قول يهود بني قريظة، حين شبههم النبي -صلى الله عليه وسلم-، بأنهم إخوة القردة، فقالوا: من حدثك بهذا؟ وذلك حين أرسل إليهم، علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهذا قول مجاهد (?).
والرابع: أن ناساً من اليهود أسلموا، ثم نافقوا فكانوا يحدثون المسلمين من
العرب، بما عُذِّبَ به آباؤهم، فقال بعضهم لبعض، أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب، وهذا قول السدي (?).
وفي {فتح الله}، وجهان: