وروي عن السدي: قال "اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبا، فباعهم صاحبها إياها وأخذ ثمنها" (?).
وعن محمد بن سيرين، عن عبيدة قال: اشتروها بملء جلدها دنانير" (?).
وهذا الوجه فيه نظر، "لأن كثرة ثمنها لم يثبت إلا من نقل بني إسرائيل. وفيه اختلاف، ، ثم قد قيل في ثمنها غير ذلك. عن عكرمة، قال: ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير وهذا إسناد جيد عن عكرمة، والظاهر أنه نقله عن أهل الكتاب أيضًا" (?).
والثاني: وقيل: لخوف الفضيحة في ظهور القاتل. وهذا قول وهب (?).
والثالث: وقيل: لصغر خطرها وقلة قيمتها، كما روي ذلك عن عكرمة (?).
وروي عن الحسن قال: " كانت وحشية" (?).
والرابع: أنهم لتطويلهم المفرط وكثرة استكشافهم، ما كادوا يذبحونها، وما كادت تنتهي سؤالاتهم، وما كاد ينقطع خيط إسهابهم فيها وتعمقهم. قاله الزمخشري (?).
قلت: هذا الذي ذهب إليه الزمخشري وجه حسن، يحتمله الآية. والله أعلم.
وعند الإمام الطبري: العلتان الأولى والثانية صحيحتان، إحداهما غلاء ثمنها، والأخرى خوف عظيم الفضيحة على أنفسهم، بإظهار الله نبيه موسى صلوات الله عليه وأتباعه - على قاتله (?).
واعترض ابن كثير على ترجيح الإمام الطبري، قائلا: "وفي هذا نظر، بل الصواب - والله أعلم - رواية الضحاك، عن ابن عباس: كادوا ألا يفعلوا، ولم يكن ذلك الذي أرادوا، لأنهم أرادوا ألا يذبحوها، يعني أنَّهم مع هذا البيان، وهذه الأسئلة، والأجوبة، والإيضاح ما ذبحوها إلا بعد الجهد، وفي هذا ذم لهم، وذلك أنه لم يكن غرضهم إلا التعنت، فلهذا ما كادوا يذبحونها (?).
وكان ابن عباس يقول: "إن القوم، بعد أن أحيا الله الميت فأخبرهم بقاتله، أنكرت قتلته قتله، فقالوا: والله ما قتلناه؛ بعد أن رأوا الآية والحق" (?).
يقول العلامة السعدي: " واعلم أن كثيرا من المفسرين رحمهم الله، قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليها الآيات القرآنية، وجعلوها تفسيرا لكتاب الله، محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " (?)، والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه تكون مفردة غير مقرونة، ولا منزلة على كتاب الله، فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم: " لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا