قوله تعالى: {وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 66]، "أي عظةً وذكرى لكل عبدٍ صالحٍ متّقٍ لله سبحانه وتعالى" (?).
قال ابن عباس: " وتذكرة وعبرة للمتقين" (?).
وأخرج الطبري عن ابن عباس: {وموعظة للمتقين}، يقول: للمؤمنين الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعتي" (?).
وقال الربيع: " فكانت موعظة للمتقين خاصة" (?). وروي عن أبو العالية (?) مثل ذلك.
قال الطبري: أي: " وتذكرة للمتقين، ليتعظوا بها، ويعتبروا، ويتذكروا بها" (?).
قال الزجاج: " أي يتعظ بها أهل التقوى، فيلزمون ما هم عليه" (?).
واختلف في المعني بقوله تعالى: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 66]، على وجهين (?):
الأول: المراد بهم: الذين من بعدهم إلى يوم القيامة. قاله ابن عباس (?)، والحسن (?)، وقتادة (?)، وابن جريج (?)، وهو قول الجمهور.
والثاني: أن المراد بهم: أمة محمد صلى الله عليه وسلم. قاله السدي (?)، وعطية (?)، واختاره الثعلبي (?).
والقول الأول هو الصحيح، لأنه أعم، وعليه الجمهور. والله أعلم.
و"المراد بالموعظة هاهنا الزاجر، أي: جعلنا ما أحللنا بهؤلاء من البأس والنكال في مقابلة ما ارتكبوه من محارم الله، وما تحيلوا به من الحيل، فليحذر المتقون صنيعهم لئلا يصيبهم ما أصابهم، كما روي عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ" (?) " (?).
وقال الرازي: " أما قوله تعالى: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 66]، ، ففيه وجهان:
أحدهما: أن من عرف الأمر الذي نزل بهم يتعظ به ويخاف إن فعل مثل فعلهم أن ينزل به مثل ما نزل بهم، وإن لم ينزل عاجلا فلا بد من أن يخاف من العقاب الآجل الذي هو أعظم وأدوم، وأما تخصيصه المتقين بالذكر فكمثل ما بيناه في أول السورة عند قوله: {هدى للمتقين} لأنهم إذا اختصموا بالاتعاظ والانزجار والانتفاع بذلك صلح أن يخصوا به، لأنه ليس بمنفعة لغيرهم.