والثاني: أنه يعود على العقوبة-وهي المسخة-، أي فجعلنا العقوبة؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 65 - 66]؛ فيكون المعنى: فجعلنا هذه العقوبة نكالاً. وهذا في رواية الضحاك عن ابن عباس (?).

والثالث: أنه يعود على المسخة، لأن معنى: {كُونُوا قِرَدَةً} [البقرة: 65]، مسخناهم قردة، فوقعت الكناية عن الكلام المتقدم. قاله الفراء (?).

والرابع: وقال الأخفش: أي جعلنا القردة نكالا (?).

والخامس: أنه يعود على الأمة التي مسخت، لأن قوله: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ} [البقرة: 65]، يدل على أنهم كانوا أمة وفرقة من الناس، فرجع العائد على المعنى. قاله الزجاج (?).

والسادس: أنه يعود على الحيتان. وذلك في رواية أبيّ عن ابن عباس (?).

أي: جعلنا هذه الأمة نكالا، لأن قوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت} يدل على الأمة والجماعة أو نحوها (?).

والصحيح أن الضمير عائد على القرية، أي: فجعل الله هذه القرية، والمراد أهلها بسبب اعتدائهم في سبتهم" (?). والله أعلم.

قوله تعالى: {نَكَالاً} [البقرة: 66]، "أي عقوبة زاجرة لمن يأتي بعدها من الأمم" (?).

قال الثعلبي: "أي: " عقوبة وعبرة وفضيحة شاهرة" (?).

قال ابن كثير: "أي: عاقبناهم عقوبة، فجعلناها، عبرة، كما قال الله عن فرعون: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى} [النازعات: 25] " (?).

وأصل (النكال)، العقوبة (?)، كما قال عدي بن زيد العباد (?):

لا يسخط الضليل ما يسع العبـ ... د ولا في نكاله تنكير

قال القفال: النكال: "العقوبة الغليظة الرادعة للناس عن الإقدام على مثل تلك المعصية وأصله من المنع والحبس" (?).

وفي قوله تعالى: {نَكَالاً} [البقرة: 66]، ثلاثة تأويلات (?):

أحدها: عقوبة، وهو قول ابن عباس (?)، وأبو العالية (?).

والثاني: عبرة ينكل بها من رآها.

والثالث: أن النكال الاشتهار بالفضيحة.

قوله تعالى: {لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} [البقرة: 66]، "أي لمن يأتي بعدها من الأمم" (?).

قال سعيد بن جبير: " من بحضرتها يومئذ من الناس" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015