وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65]، فجعل الله منهم القردة والخنازير، فزعم أن شباب القوم صاروا قردة والمشيخة صاروا خنازير.
قلت: والصحيح في هذه المسألة: أن مسخهم قرودا، إنما كان معنويًا لا صوريًا خلاف ما ذهب إليه مجاهد (?)، رحمه الله. ورجحه ابن كثير (?).
وفي قوله تعالى: {خاسئين} [البقرة: 65]، أربعة أقوال:
أحدها: أن معناه: مبعدين. ومنه: خَسَأتُ الكلب أخسؤه خَسْئاً، أي بَاعدته وطردْته. قاله الزجاج (?).
والثاني: أن معناه: أذلة صاغرين، وهذا قول أبي العالية (?)، والربيع (?)، وروي عن مجاهد وقتادة وأبي مالك نحو ذلك (?).
والثالث: معناه: صاغرين. قاله مجاهد (?).
والرابع: : أن معنى: خاسئا، أي: ذليلاً. قاله ابن عباس (?).
قال الطبري: في معنى {الخاسئين): "أي: مبعدين من الخير أذلاء صغراء" (?)، وبالتالي إن جميع الأقوال الثلاثة ضمن المعنى الصحيح. والله تعالى أعلم.
و(الخاسئ): " المبعد المطرود، كما يخسأ الكلب يقال منه: " خسأته أخسؤه خسأ وخسوءا، وهو يخسأ خسوءا ". قال: ويقال: " خسأته فخسأ وانخسأ ". ومنه قول الراجز (?):
كالكلب إن قلت له اخسأ انخسأ
يعني: إن طردته انطرد ذليلا صاغرا" (?).
وأنشد الفراء (?):
وَإذا زَجَرْتُ الْكَلْبَ قُلْتُ اخْسَأ لَهُ ... وَالْكَلْبُ مِثْلُكَ ياخُرَيْمُ سَوَاءُ
وأنشد ابن الأنباري لعمران بن حطان (?):