والثاني: ويقول بعض نحويي أهل الكوفة: أخذ الميثاق قول فلا حاجة بالكلام إلى إضمار قول فيه، فيكون من كلامين، غير أنه ينبغي لكل ما خالف القول من الكلام - الذي هو بمعنى القول - أن يكون معه (أن) كما قال الله جل ثناؤه {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} [نوح: 1] قال: ويجوز أن تحذف (أن).
والصحيح: "أن كل كلام نطق به - مفهوم به معنى ما أريد - ففيه الكفاية من غيره" (?).
واختلف في قوله {بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63]، على ثلاثة أوجه (?):
الأول: معناه: بجد واجتهاد. قاله قتادة (?)، والسدي (?)
والثاني: تعملوا بما فيه. قاله مجاهد (?).
والثالث: بطاعة. قاله أبو العالية (?)، وروي عن الربيع بن أنس نحو ذلك (?).
والقول الأول هو الأقرب إلى الصواب، وبه قال قتادة والسدي، وجمهور أهل التفسير (?).
قال ابن عثيمين: " والمراد بالـ "قوة" هنا الحزم، والتنفيذ؛ والتطبيق؛ وضده أن يأخذ الإنسان أخذاً ضعيفاً متساهلاً على كسل؛ والباء في قوله تعالى: {بقوة} للمصاحبة؛ أي خذوا هذا الكتاب. أي التوراة التي جاء بها موسى صلى الله عليه وسلم. أخذاً مصحوباً بقوة، فلا تهملوا شيئاً منه" (?).
قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} [البقرة: 63]، " أي اذكروا كل ما فيه، واعملوا به" (?).
قال أبو العالية: " يقول أقروا ما في التوراة واعملوا به" (?). وروي عن الربيع (?) نحو ذلك.
وقال ابن وهب: سألت ابن زيد عن قول الله: {واذكروا ما فيه}، قال: اعملوا بما فيه بطاعة لله وصدق. قال: وقال: اذكروا ما فيه، لا تنسوه ولا تغفلوه" (?).
قال الطبري: أي" واذكروا ما فيما آتيناكم من كتابنا من وعد ووعيد شديد، وترغيب وترهيب، فاتلوه، واعتبروا به، وتدبروه" (?).
قال الزجاج: " معناه ادْرُسُوا ما فيه" (?).
قال الزمخشري: "أي: " واحفظوا ما في الكتاب وادرسوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه" (?).
قال الواحدي: أي" احفظوا ما في التوراة من الحلال والحرام، واعملوا بما فيه" (?).
قال السعدي: " أي: ما في كتابكم بأن تتلوه وتتعلموه" (?).
قال الصابوني: " أي احفظوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه" (?).
قال المراغي: " أي وادّارسوه ولا تنسوا تدبر معانيه واعملوا بما فيه من الأحكام" (?).