قال أبو العالية: " أخذ مواثيقهم أن يخلصوا له ولا يعبدوا غيره" (?).

وفي سبب أخذ ميثاقهم يقول أخرج الطبري بسنده عن ابن زيد: " لما رجع موسى من عند ربه بالألواح. قال لقومه بني إسرائيل: إن هذه الألواح فيها كتاب الله، فيه أمره الذي أمركم به ونهيه الذي نهاكم عنه. فقالوا: ومن يأخذه بقولك أنت؟ لا والله حتى نرى الله جهرة، حتى يطلع الله إلينا فيقول: هذا كتابي فخذوه! فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى، فيقول: هذا كتابي فخذوه؟ قال: فجاءت غضبة من الله، فجاءتهم صاعقة فصعقتهم، فماتوا أجمعون. قال: ثم أحياهم الله بعد موتهم، فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله. فقالوا: لا. قال: أي شيء أصابكم؟ قالوا: متنا ثم حيينا! قال: خذوا هذا الطور، قال: خذوا الكتاب وإلا طرحناه عليكم. قال: فأخذوه بالميثاق، وقرأ قول الله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} حتى بلغ: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 83 - 85]، قال: ولو كانوا أخذوه أول مرة، لأخذوه بغير ميثاق" (?).

قال المفسرون: "إن موسى لما أتاهم بالتوراة فرأوها وما فيها من التغليظ كبر ذلك عليهم وأبوا أن يقبلوا ذلك، فأمر الله جبلًا من جبال فلسطين فانقلع من أصله حتى قام على رؤوسهم مثل الظلة، وكان العسكر فرسخا في فرسخ والجبل كذلك، وأوحى الله إلى موسى إن قبلوا التوراة وإلا رضختهم بهذا الجبل، فلما رأوا ذلك وأن لا مهرب لهم، قبلوا ما فيها وسجدوا من الفزع، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود، فمن أجل ذلك يسجد اليهود على أنصاف وجوههم، فهذا معنى أخذ الميثاق في حال رفع الجبل فوقهم، لأن في هذه الحالة قيل لهم: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [وكان فيما آتاهم الله تعالى الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -" (?).

قال الواحدي: " وهذه الآية خطاب لليهود وإن كان آباؤهم أخذ الميثاق عليهم. روى أبو صالح، عن ابن عباس أنه قال. هما ميثاقان: الأول: حين أخرجهم من صلب آدم وأشهدهم على أنفسهم. والثاني: أن كل نبي بعث إلى قومه أخذ عليهم الميثاق بالطاعة لله والإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -" (?).

وقد ذكر الزجاج قولين فيه (?):

الأول: حين أخرج الناس كالذر ورجحه.

ودليله قوله: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف: 171]، ثم قال من بعد تمامْ الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172]، فهذه الآية كالآية التي في البقرة.

والثاني: ما أخذه على الرسل ومن تبعهم.

ودليله قوله عزَّ وجلَّ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81].

قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} [البقرة: 63]، أي: ورفعناه فوق رؤوسكم (?).

قال النسفي: " أي: الجبل حتى قبلتم وأعطيتم الميثاق" (?).

قال القاسمي: " ترهيبا لكم لتقبلوا الميثاق" (?).

قال مجاهد: "رُفِعَ الجبل فوقهم كالسحابة، فقيل لهم: لتؤمِنُنَّ أو ليقعن عليكم، فآمنوا " (?). وروي عن عطاء مثل ذلك (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015