واختلف أهل التفسير في معنى (الرجز)، في قوله تعالى: {فَأَنزلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 59]، على أقوال (?):
الأول: أنه الطاعون، قاله ابن زيد (?)، وهو قول الجمهور (?).
والثاني: أنه الغضب. وهو قول أبي العالية (?).
والثالث: أنه العذاب. قاله ابن عباس (?)، وقتادة (?)، وابن زيد في أحد قوليه (?).
والرابع: وقيل: إما الطاعون أو البرد. قاله الشعبي (?).
والقول الأول هو الأقرب إلى الصواب، وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ " (?)، وقد روى أنه مات منهم في ساعة بالطاعون أربعة وعشرون ألفاً، وقيل: سبعون ألفاً (?).
قوله تعالى: {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [البقرة: 59]، أي: بما كانوا "يعصون ويخرجون من أمر الله تعالى" (?).
قال قتادة: "بما كانوا يعصون" (?).
وقال ابن إسحاق: "أي بما تعدوا في أمري" (?).
قال الطبري: أي" بما كانوا يتركون طاعة الله عز وجل، فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره" (?).
وقال الثعلبي: " يعني يلعبون ويخرجون من أمر الله عزّ وجلّ" (?).
وقرأ النخعي وابن وثاب: {يفسِقون}، بكسر السين، يقال فسق يفسق ويفسق بضم السين وكسرها (?).
الفوائد:
1. من فوائد الآية: لؤم بني إسرائيل، ومضادَتُهم لله، ورسله؛ لأنهم لم يدخلوا الباب سجداً؛ بل دخلوا يزحفون على أستاههم على الوراء استكباراً واستهزاءً.
2. ومنها: بيان قبح التحريف سواء كان لفظياً، أو معنوياً؛ لأنه يغير المعنى المراد بالنصوص.
3. ومنها: أن الجهاد مع الخضوع لله عزّ وجلّ، والاستغفار سبب للمغفرة؛ لقوله تعالى: {نغفر لكم خطاياكم}، وسبب للاستزادة أيضاً من الفضل؛ لقوله تعالى: {وسنزيد المحسنين}.