وإن مُهَاجِرَيْن تَكَنَّفاه ... لعمر الله قد خطئا وخابا

يعني: أضلا الحق وأثما (?).

قال ابن عثيمين: " (المغفرة) هي ستر الذنب، والتجاوز عنه؛ ومعناه أن الله ستر ذنبك، ويتجاوز عنك، فلا يعاقبك؛ لأن "المغفرة" مأخوذة من المغفر. وهو ما يوقى به الرأس في الحرب؛ لأنه يستر، ويقي؛ ومن فسر "المغفرة" بمجرد الستر فقد قصَّر؛ لأن الله تعالى إذا خلا بعبده المؤمن يوم القيامة، وقرره بذنوبه قال: "قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم" (?) أي اليوم أسترها أيضاً، ثم أتجاوز عنها؛ و {خطاياكم} جمع خَطِيَّة، كـ"مطايا" جمع مطية؛ و "الخطية" ما يرتكبه الإنسان من المعاصي عن عمد؛ وأما ما يرتكبه عن غير عمد فيسمى "أخطاء"؛ ولهذا يفرق بين "مخطئ"، و"خاطئ"؛ الخاطئ ملوم؛ والمخطئ معذور، كما قال الله تعالى: {لنسفعاً بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة} [العلق: 15، 16]، وقال تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286] " (?).

قوله تعالى: {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 58]، "أي نزيد من أحسن إحساناً، بالثواب العظيم، والأجر الجزيل" (?).

قال الثعلبي: "إحسانا وثوابا" (?).

قال النسفي: " أي من كان محسناً منكم، كانت تلك الكلمة سبباً في زيادة ثوابه ومن كان مسيئاً كانت له توبة ومغفرة" (?).

قال ابن كثير: " أي: إذا فعلتم ما أمرناكم غفرنا لكم الخطيئات وضعفنا لكم الحسنات" (?).

قال ابن عباس: "من كان منكم محسنا زيد في إحسانه، ومن كان مخطئا نغفر له خطيئته" (?). وروي عن قتادة (?)، نحو ذلك.

قال ابن عطية: " المعنى: إذا غفرت الخطايا بدخولكم وقولكم زيد بعد ذلك لمن أحسن، وكان من بني إسرائيل من دخل كما أمر وقال لا إله إلا الله فقيل هم المراد بـ {الْمُحْسِنِينَ} هنا" (?).

الفوائد:

1 من فوائد الآية: إثبات القول لله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا}؛ وهو قول حقيقي بصوت، وبحرف؛ لكن صوته سبحانه وتعالى لا يشبهه صوت من أصوات المخلوقين؛ ولا يمكن للإنسان أن يدرك هذا الصوت؛ لقوله تعالى: {ولا يحيطون به علماً} [طه: 110]؛ وهكذا جميع صفات الله عزّ وجلّ لا يمكن إدراك حقائقها.

2 ومنها: وعد الله لهم بدخولها؛ ويؤخذ هذا الوعد من الأمر بالدخول؛ فكأنه يقول: فتحنا لكم الأبواب فادخلوا.

3 ومنها: جواز أكل بني إسرائيل من هذه القرية التي فتحوها؛ فإن قال قائل: أليس حِلّ الغنائم من خصائص هذه الأمة. أي أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ فالجواب: بلى، والإذن لبني إسرائيل أن يأكلوا من القرية التي دخلوها ليس على سبيل التمليك؛ بل هو على سبيل الإباحة؛ وأما حِلّ الغنائم لهذه الأمة فهو على سبيل التمليك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015