عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57]، وقوله: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: 60] " (?).
قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 57]، "أي وقلنا لهم كلوا من لذائذ نعم الله" (?).
قال الواحدي: " أي: وقلنا لهم: كلوا من طيبات، أي: حلالات، الطيب: الحلال، لأنه طاب، والحرام يكون خبيثًا، وأصل الطيب: الطاهر، فسمى الحلال طيبًا، لأنه طاهر لم يتدنس بكونه حرامًا" (?).
قال السعدي: " أي: رزقا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين، فلم يشكروا هذه النعمة، واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب" (?).
وقد ذكروا في تفسير قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 57]، ثلاثة تأويلات (?):
أحدها: يعني: كلوا من شهيات رزقنا الذي رزقناكموه.
والثاني: وكلوا من حلاله الذي أبحناه لكم فجعلناه لكم رزقا.
والثالث: أنها المباح (?).
والقول الأول أولى بالتفسير، وهو اختيار الإمام الطبري، لأنه "وصف ما كان القوم فيه من هنيء العيش الذي أعطاهم، فوصف ذلك ب (الطيب)، الذي هو بمعنى اللذة، أحرى من وصفه بأنه حلال مباح، و (ما) التي مع (رزقناكم)، بمعنى (الذي)، كأنه قيل: كلوا من طيبات الرزق الذي رزقناكموه" (?).
قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا} [البقرة: 57]، " أي ما نقصونا شيئاً" (?).
قال الواحدي: " بإبائهم على موسى دخول هذه القرية، " (?).
قال ابن عثيمين: لأن الله لا تضره معصية العاصين ولا تنفعه طاعة الطائعين" (?).
قال السعدي: " يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين، كما لا تنفعه طاعات الطائعين" (?).
وأخرج ابن أبي حاتم" عن ابن عباس في قوله: {وما ظلمونا}، قال: نحن أعز من أن نظلم" (?).
قوله تعالى: {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البقرة: 57]، " أي لا يظلمون بهذا إلا أنفسهم" (?).
أخرج ابن أبي حاتم "عن ابن عباس في قوله: {أنفسهم يظلمون}، قال: يضرون" (?).
قال السعدي: " فيعود ضرره عليهم" (?).
قال القرطبي: " لمقابلتهم النعم بالمعاصي" (?).
قال الواحدي: ولكنهم ظلموا أنفسهم حين تركوا أمرنا فحبسناهم في التيه، فكانوا إذا أصبحوا وجدوا أنفسهم حيث ارتحلوا منذ أربعين سنة" (?).