والثاني: من الشاهدين عند من يأتي من قومنا بما شاهدناه من الآيات الدالة على أنك نبي إليهم وإلينا.

الفوائد:

1 - من فوائد هذه الآية الكريمة: أن هؤلاء الحواريين يريدون من الآيات ما يملأ بطونهم، إذ بدؤوا بالأكل {نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا} أول ما بدؤوا، فيشبه قول اليهود لما قيل لهم: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [النساء 154] فدخلوا على أستاههم، على أدبارهم، يقولون: حِنْطَة، أُمروا أن يقولوا: حِطّة، يعني: احطط عنا ذنوبنا، لكن قالوا: لا، نبغي شيئًا ثانيًا وهو ملء البطن، حنطة، هؤلاء يشبه هذا، والأصل واحد فكلهم من بني إسرائيل، فلا عجب أن يكون سؤالهم متقاربًا.

2 - أن قولهم: {ونعلم أن قد صدقتنا} دال على شكهم وارتيابهم.

3 - ومن فوائد هذه الآية: أن وقوع الشيء يعطي يقينًا أكثر من الخبر به، ومنه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» (?)، ولهذا أمثلة، منها قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة 260] نأخذ هذا من قوله: {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا}.

4 - ومن فوائد الآية الكريمة: أن آيات الأنبياء يزداد بها تصديقهم؛ لقوله: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا}، أي أخبرتنا بالصدق.

5 - ومنها: ثبوت الخبر بالتواتر وكثرة المخبرين؛ لقولهم: {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}، ويمكن أن يُستدل بهذا أيضًا على أن الصحابة رضي الله عنهم قولهم حق وحجة؛ لأنهم شاهدوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشاهدوا آياته، وأيقنوا بها أكثر من غيرهم، وفهموها أكثر من غيرهم.

القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015