وفي قوله تعالى: {قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 112]، وجهان (?):

أحدهما: يعني: اتقوا معاصي الله إن كنتم مؤمنين به، وإنما أمرهم بذلك لأنه أولى من سؤالهم.

والثاني: يعني: اتقوا الله فى سؤال الأنبياء إما طلباً لِعَنَتِهِم وإما استزادة للآيات منهم، إن كنتم مؤمنين بهم ومصدقين لهم لأن ما قامت به دلائل صدقهم يغنيكم عن استزادة الآيات منهم.

قال الطبري: المعنى: " قال عيسى للحواريّين القائلين له: {هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء} راقبوا الله، أيها القوم، وخافوه أن يَنزل بكم من الله عقوبة على قولكم هذا، فإن الله لا يعجزه شيء أراده، وفي شكّكم في قدرة الله على إنزال مائدة من السماء، كفرٌ به، فاتقوا الله أن يُنزل بكم نقمته، إن كنتم مصدقيَّ على ما أتوعدكم به من عقوبة الله إياكم على قولكم: {هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء}؟ " (?).

قال الزمخشري: " فإن قلت: كيف قالوا هل يستطيع ربك بعد إيمانهم وإخلاصهم؟

قلت: ما وصفهم الله بالإيمان والإخلاص، وإنما حكى ادعاءهم لهما، ثم أتبعه قوله: {إذ قال} فإذن إن دعواهم كانت باطلة، وإنهم كانوا شاكين، وقوله: {هل يستطيع ربك} كلام لا يرد مثله عن مؤمنين معظمين لربهم، وكذلك قول عيسى عليه السلام لهم معناه: اتقوا الله ولا تشكوا في اقتداره واستطاعته، ولا تقترحوا عليه، ولا تتحكموا ما تشتهون من الآيات فتهلكوا إذا عصيتموه بعدها إن كنتم مؤمنين إن كانت دعواكم للإيمان صحيحة" (?).

قال ابن عباس: " فأقبلت الملائكة تطير بمائدةٍ من السماء عليها سبعةُ أحواتٍ وسبعة أرغفة، حتى وضعتها بين أيديهم، فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أوّلهم" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015