16 - ومن فوائد الآية الكريمة: هذه الآية العظيمة لعيسى أنه يخرج الموتى من القبور؛ لقوله {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي}، وهذه لا يقدر عليها أحد، أما هل يبقى الميت إذا خرج أو لا يبقى؟ هذا ليس لنا فيه كلام، ولا ينبغي أن نتكلم فيه، لماذا؟ لأن الآية حصرت بإخراجه من قبره، أما هل يبقى ويعيش مع الناس أو يموت بعد أن خرج وبرز للناس، ثم يُدفن؟ فهذا ليس لنا في معرفته مصلحة وليس لنا أن نسأل عنه؛ لأن الآية حاصلة بدونه.

17 - أن في هذه الجمل الأربع: الطير، إبراء الأكمه، إبراء الأبرص، إحياء الموتى، الدليل على أنه لا يمكن لأي بشر مهما أوتي أن يحصل له مراده إلا بإذن الله عز وجل؛ لأن كل جملة أو كل كلمة قيدها الله تعالى بإذنه لئلا يدعي مدعٍ أن الخلق لهم استقلال في أفعالهم، فيكون في هذه الفائدة يكون لها فرع؛ وهو: الرد على القدرية، الذين يقولون: إن الإنسان مستقل بعمله ليس لله فيه إرادة، الإنسان يأكل ويشرب، ويدخل ويخرج، ويتحرك ويسكن بإرادة تامة ليس لله فيها تعلق، وهذا يعني إثبات خالق مع الله عز وجل، أو إثبات موجب للحوادث مع الله عز وجل؛ ولهذا سُميّت القدرية مجوس هذه الأمة؛ لأن المجوس يقولون: إن الحوادث الكونية لها خالقان: ظلمة، ونور، وهؤلاء يقولون: الحوادث في الكون لها موجدان، كل واحد مستقل عن الآخر: أفعال العباد يستقل بها العباد حتى إن بعضهم يقول: إن الله لا يعلم من أفعال العباد إلا ما وقع، وأما ما لم يقع فلا يعلمه الله عز وجل، فوصفوا الله تبارك وتعالى بالجهل فيما هو في ملكه تبارك وتعالى.

18 - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات إذن الله، وليُعلم أن الإذن المضاف إلى الله عز وجل ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: إذن كوني قدري: مثاله هذه الآية {بِإِذْنِي}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015