ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه سبحانه وتعالى يختار من الآيات أشدها إعجازًا، فإنه لم يمنّ على عيسى بأن يخلق أرنبًا أو قطًّا أو ما أشبه ذلك، بل طائرًا؛ لأن الطيران في الجو أبلغ من المشي على الأرض فاختار الله له أن يخلق طائرًا يعني على صورة الطير.
14 - ومن فوائد الآية الكريمة: أن النفخ له تأثير في الأجساد إذا أراد الله عز وجل أن يُؤثِّر؛ لأنه نفخ في الطير الذي صنعه فصار طائرًا كما في القراءة الأخرى، لما نفخ فيه صار حيوانًا من الطيور، ثم طار لتحقق أنه دخلته الروح، ومن ثم جاءت القراءة على المريض عن طريق النفث، والنفث -كما نعلم جميعًا- يتضمن نفخًا وريقًا، وهذا مؤثّر بإذن الله عز وجل، ولهذا لو أن القارئ صار يقرأ ويأخذ بأصبعه من ريقه ويبل به مكان الألم، أو يبل به المريض فلا أظنه ينفع، لا بد من نفخ مع ريق.
15 - من فوائد هذه الآية الكريمة: ما أعطاه الله تعالى عيسى من الآيات في إبراء الأكمه، وهو الذي خلق بلا عين ولا بصر، وهذه دليل على قدرة الله، والظاهر -والله أعلم- أنه يبرئه في الحال، ما يحتاج إلى علاج، وإلى انتظار، الظاهر أنه يبرئه في الحال كما جرى للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عين أبي قتادة رضي الله عنه حين جُرحت في أُحد، وبَرزت على خده، العين بَرزت على الخد، فأُتي به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فأخذ العين وردها في مكانها، وعادت كما كانت في الحال (?)، سبحان الله العظيم! هذه القدرة ما يبلغها الأطباء، الظاهر أن إِبْرَاءه الأكمه والأبرص الظاهر أنه يكون في الحال بدون معالجة وتردد.