9 - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: التنصيص على النعمة بالعلم والشرف والحكمة، وأنها أخص من مطلق النعمة؛ لأن مطلق النعمة سبق {اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ}، لكن العلم خصه فقال: {وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}، وعلى هذا فيجب على طالب العلم أن يشكر الله تعالى على نعمته عليه حيث خصَّه بالعلم الذي حرمه كثيرًا من الناس، وإذا منّ الله عليه مع العلم بالعبادة والدعوة إلى الله صار نعمة فوق نعمة، فكم من أناس ضلّوا عن سواء السبيل؛ قال الله عز وجل: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام 116]، والإنسان إذا شعر بنعمة الله عليه بالعلم والعبادة والدعوة فإنه يزداد فرحًا وسرورًا ومثابرة وصبرًا على ما هو عليه من طلب العلم، وازدياد العبادة، وقوة الدعوة إلى الله عز وجل.

10 - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: التنصيص على الحكمة؛ وهي معرفة أسرار الشريعة وغاياتها وثمراتها، فإن معرفة ذلك لا شك أنها تزيد الإيمان، وأنها تزيد الإنسان بصيرة في شرائع الله. وإنها -أي الشرائع- من لدن حكيم عليم، ولهذا نقول: لا يمكن أن يوجد في صريح المعقول ما يخالف صحيح المنقول، فإن وجدت ما ينافيه فاعلم أن الأمر لا يخلو من أحد أمرين ولا بد: إما أن عقلك ليس بصريح؛ يعني فيه شبهات أوجبت اختفاء الحق عليه، أو شهوات انطمس بها، نسأل الله العافية. وإما أن يكون النص غير صحيح، يكون حديثًا ضعيفًا أو مكذوبًا على الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو ما أشبه ذلك، أما أن يكون عقل صريح سالم من الشبهات والشهوات ونقل صحيح، فلا يمكن أن يتناقض أبدًا.

11 - ومن فوائد الآية الكريمة: أن التوراة والإنجيل كتابان من عند الله عز وجل، وسبق أن قلنا: إن عطفهما على الكتاب من باب عطف الخاص على العام إذا لم نقل إن المراد بالكتاب الكتابة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015