3 - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواز نسبة الإنسان إلى أمه إذا لم يكن له أب؛ لقوله: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}، وهل يمكن أن يكون للإنسان أم بلا أب؟ الجواب: نعم، وذلك فيما إذا نفى الزوج الولد عن نفسه فإنه ينتفي عنه بالشروط التي ذكرها الفقهاء رحمهم الله، وكذلك ولد الزنا إذا لم يستلحقه الزاني فإنه له أم، وليس له أب، فإن استلحقه الزاني فالمسألة فيها خلاف معروف، وجمهور العلماء على أنه لا يلحقه بعموم قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» (?)، لكن لو قال قائل: إذا كانت نسبته إلى أمه توجب التساؤلات، وأن ينكسر قلبه، وأن يُساء إلى أمه، فهل يُعدل عن هذا؟
الجواب: نعم، يُعدل عن هذا؛ لأن نسبته إلى أمه إذا لم يكن له أب على سبيل الإباحة والجواز، فإذا كان يستلزم ما يؤذي صاحبه فإنه يُعدل عنه إلى نسبته إلى آخر، إلى مَن؟ نقول: ننسبه إلى اسم يصح لكل إنسان، مثل: عبد الله، عبد الرحمن، عبد الكريم، عبد اللطيف، وما أشبه ذلك، فعلى هذا نقول: الأصل فيمن ليس له أب أن يُنسب إلى أمه، فإن خُشي من ذلك مضرة أو إيذاء نُسب إلى مَن يصح أن ينطبق على كل أحد. * من فوائد الآية الكريمة: أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجب عليهم الشكر كما يجب على مَن أُرسل إليهم؛ لأن الله أمر عيسى أن يذكر نعمته عليه وعلى أمه، ونقول: نعم، يجب وهم -أي الأنبياء- أشد الناس قيامًا بشكر النعمة، فقد «كان إمامهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقوم في الليل حتى تتورّم قدماه وتتفطّر، فيقال: يا رسول الله، أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ » (?).