الوجه الثاني: هدى توفيق وتسديد كقوله: {يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ} [النحل: 93]، وقوله: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] " (?).
الفوائد:
1 - أنه كلما كان الشيء أقرب إلى استنتاج الصواب والحق بالشهادة فهو أَوْلى أن يُتَّبع؛ لقوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا}؛ لأن الإنسان إذا فهِم أن من ورائه أُناسًا سيقومون برد شهادته والإقسام على بُطلانها فلا بد أن يتحرَّى الصدق فيما شهد به.
2 - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب تقوى الله والسمع والطاعة له؛ لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا}، ومعنى {اسْمَعُوا} هنا: استجيبوا، كما سبق أيضًا في الشرح.
3 - ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله سبحانه أخبر بأنه لا يهدي القوم الفاسقين؛ أي: الخارجين عن طاعته، وخبر اللهِ صِدقٌ.
4 - ومن فوائد الآية: أن إضلال من ضل ليس لمجرد المشيئة؛ بل لوجود العلة التي كانت سبباً في إضلال الله العبد؛ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.
5 - ومنها: الرد على القدرية الذين قالوا: إن العبد مستقل بعمله. لا علاقة لإرادة الله تعالى به؛ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.
6 - وتجدر الإشارة بأن الفاسق يشمل الكافر والعاصي، ولكن فسْق الكافر أشد وأفحش.
والفسق نوعان:
أحدهما: - فسق يخرج عن الإسلام، والثاني: - وفسق لا يخرج عن الإسلام
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: " كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل خاسر، ومسرف، وظالم، وفاسق، فإنما يعني به الكفر، وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به الذّنب " (?).