وروي " عن ابن عباس في قوله: {عذاب}، يقول: نكال" (?).

وعن مقاتل بن حيان، "قوله: {ولهم عذاب عظيم}، يعني عذاب وافر" (?).

قال ابن عطية: " معناه بمخالفتك يا محمد وكفرهم بالله استوجبوا ذلك" (?).

قال ابن عثيمين: " وعظمه الله تعالى؛ لأنه لا يوجد أشد من عذاب النار" (?).

قال أبو حيان: " فإنه لو اقتصر على قوله عذاب ولم يقل عظيم لاحتمل القليل والكثير، فلما وصفه بالعظيم تمم المعنى وعلم أن العذاب الذي وعدوا به عظيم، إما في المقدار وإما في الإيلام والدوام" (?).

قال ابن عباس: "ولهم بما هُمْ عليه من خلافك {عذابٌ عظيم}، قال: فهذا في الأحبار من يهود، فيما كذَّبوكِ به من الحق الذي جاءك من رّبك بعد معرفتهم" (?).

قال الزجاج في هذه الآية: "إنهم كانوا يسمعون ويبصرون ويعقلون، ولكن لم يستعملوا هذه الحواس استعمالاً يجدي عليهم، فصاروا كمن لا يعقل ولا يسمع ولا يبصر" (?).

قال الواحدي: "ومعنى العذاب الأليم: الذي يخلص وجعه إلى قلوبهم" (?).

وأصل (العذاب) في كلام العرب: من العذب، وهو المنع؛ يقال: عَذَبتَه عَذْبًا أي منعتَه مَنْعَا، فعَذَبَ عُذوبًا أي امتنع، ومنه يقال للفرس إذا قام في المِعْلف ولم يتناول العلف وامتنع عنه: عَذُوبٌ وعَاذِبٌ، ومنه الماء العَذْب؛ لأنه يمنع العطش (?)، فسمي العذاب عذابًا؛ لأنه يَعْذُبُ المعاقب عن معاودة ما عوقب عليه، ويعذب غيره من أرتكاب مثله (?).

وقوله تعالى: {أَلِيمٌ}: ، الأليم: بمعنى المؤلم (?)، كالسميع: بمعنى المسمع، وقال ذو الرمة (?):

وترفع من صدور شَمَرْدَلاتٍ ... يصُكُّ وجوهَها وَهَجٌ أليمُ

وقال عمرو بن معد يكرب (?):

أَمِنْ ريحانة الدَّاعي السَّميع ... يُؤْرِقُني وأَصْحابي هَجوع

أي: المسمع (?).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: أن محل الوعي القلوب؛ لقوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم} يعني لا يصل إليها الخير.

2 - ومنها: أن طرق الهدى إما بالسمع؛ وإما بالبصر: لأن الهدى قد يكون بالسمع، وقد يكون بالبصر؛ بالسمع فيما يقال؛ وبالبصر فيما يشاهد؛ وهكذا آيات الله عزّ وجلّ تكون مقروءة مسموعة؛ وتكون بيّنة مشهودة.

3 - ومنها: وعيد هؤلاء الكفار بالعذاب العظيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015