القرآن
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)} [المائدة: 8]
التفسير:
يا أيها الذين آمَنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كونوا قوَّامين بالحق، ابتغاء وجه الله، شُهداء بالعدل، ولا يحملنكم بُغْضُ قوم على ألا تعدلوا، اعدِلوا بين الأعداء والأحباب على درجة سواء، فذلك العدل أقرب لخشية الله، واحذروا أن تجوروا. إن الله خبير بما تعملون، وسيجازيكم به.
في سبب نزول الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها نزلت من أجل كفار قريش أيضا، وقد تقدم ذكرهم في قوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [المائدة: 2]، روى نحو هذا أبو صالح، عن ابن عباس (?)، وبه قال مقاتل (?).
والثاني: أنها "نزلت في قريش لما صدوا المسلمين عن المسجد الحرام". وهذا قول الحسن (?) (?).
قال الجصاص: " قد ذكر الله تعالى هذا المعنى في هذه السورة في قوله: {ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا} [المائدة: 2]، فحمله الحسن على معنى الآية الأولى, والأولى أن تكون نزلت في غيرهم وأن لا تكون تكرارا" (?).
والثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى يهود بني النضير يستعينهم في دية، فهموا بقتله، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد (?)، وقتادة (?)، وعبدالله بن كثير (?).
أخرج الطبري عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير: " {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، نزلت في يهود خيبر، أرادوا قتل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقال ابن جريج، قال عبد الله بن كثير: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهود يستعينهم في دية، فهمُّوا أن يقتلوه، فذلك قوله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا ... }، الآية" (?). [ضيف جداً]
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 8]، أي: " يا أيها الذين آمَنوا بالله ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-" (?).
أي: " يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه" (?).
قال الطبري: أي: " يا أيها الذين أقرّوا بوحدانية الله، وأذعنوا له بالعبودية، وسلموا له الألوهة وصدَّقوا رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم في نبوته وفيما جاءهم به من عند ربهم من شرائع دينه" (?).