المضاف، كما تقول العرب: تكلم المجلس، وهم يريدون أهله، وحذف المضاف كثير في التنزيل والكلام (?)، وقيل: اكتفى من الجمع بالواحد (?)، كما قال الراعي (?):
بها جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيض وأما جلدها فصليب
وقال الله تعالى: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]، وهو كثير جدًّا.
وقال سيبويه (?): توحيد السمع يدل على الجمع، لأنه توسط جمعين، كقوله: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]، وقوله: {عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} [النحل: 48] " (?).
وقوله تعالى {وَعَلى سَمْعِهِمْ} [البقرة: 7]، فيه قراءتان (?):
أحدهما: {وَعَلى سَمْعِهِمْ}، وهي قراءة الجمهور.
والثاني: {وعلى أسماعهم}، قرأ بها ابن أبي عبلة.
قوله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7]، أي: "وعلى أبصارهم غطاء، فلا يبصرون هدى" (?).
قال الثعلبي: " أي غطاء وحجاب، فلا يرون الحق" (?).
قال ابن عباس: " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم والغشاوة على أبصارهم" (?).
وقال السدي: "جعل على أبصارهم غشاوة، يقول: على أعينهم فهم لا يبصرون" (?).
قال ابن عثيمين: " أي: غطاء يحول بينها وبين النظر إلى الحق؛ ولو نظرت لم تنتفع" (?).
روي "عن قتادة قال: "استحوذ عليهم الشيطان إذ أطاعوه، ف ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، فهم لا يبصرون هدى، ولا يسمعون ولا يفقهون، ولا يعقلون" (?).
قال أبو حيان: " شبه قلوبهم لتأبيها عن الحق، وأسماعهم لإضرابها عن سماع داعي الفلاح، وأبصارهم لامتناعها عن تلمح نور الهداية بالوعاء المختوم عليه المسدود منافذة المغشي بغشاء يمنع أن يصل إليه ما يصلحه، لما كانت مع صحتها وقوة إدراكها ممنوعة عن قبول الخير وسماعه وتلمح نوره" (?).
والأبصار جمع البصر، والبصر العين، إلا أنه مذكر، ويقال: تبصرت الشيء بمعنى رمقته (?)، ومنه قول زهير (?):
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... تحملن بالعليا من فوق جرثم (?)