قال السعدي: أي: " يبين لكم أحكامه التي تحتاجونها، ويوضحها ويشرحها لكم فضلا منه وإحسانا لكي تهتدوا ببيانه، وتعملوا بأحكامه، ولئلا تضلوا عن الصراط المستقيم بسبب جهلكم وعدم علمكم" (?).

قال الماتريدي: " قيل: ألا تضلوا في قسمة المواريث. وقيل: ألا تخطئوا. وقيل: ألا تخلطوا، وهو واحد" (?).

قال ابن سيرين: " كان عمر إذا قرأ: {يبين الله لكم أن تضلوا}، قال: اللهم مَنْ بَيَّنت له الكلالة، فلم تُبَيَّن لي" (?).

وفي تفسير قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176]، وجهان (?):

أحدهما: أن المعنى: يبين الله لكم أن لا تضلوا، فأضمرت «لا». وهذا قول الفراء (?)، والكسائي (?)، وابن قتيبة (?)، والطبري (?)، والزجاج (?)، والماتريدي (?)، والنحاس (?)، وغيرهم.

ومثل هذا قوله: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41] أي: لئلا تزولا، ومثله: {كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} [الحجرات: 2]. ومنه قول القطامي في صفة ناقة (?):

رَأَيْنَا مَا يَرَى البُصَراءُ فِيهَا ... فَآلَيْنَا عَلَيْها أَنْ تُبَاعَا

بمعنى: أن لا تباع.

والثاني: أن المعنى: يبين الله لكم كراهة أن تضلوا، وحذفت " كراهة "، لأن في الكلام دليلا عليها، وإنما جاز الحذف عندهم على أحد، ومن ذلك قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]، والمعنى واسأل أهل القرية. وهذا قول البصريين (?).

قال الواحدي: " وهذا القول يبعد، لأنه لم يدل على الاجتناب شيء" (?).

والذي عليه البصريون أظهر، وفي حديث ابن عمر: «لا يدعو أحدكم على ولده أن يوافق من الله ساعة إجابة» (?)، قيل: معناه: لئلا يوافق ساعة إجابة، والأظهر تقدير البصريين: أي كراهة أن يوافق ساعة إجابة، وفي معنى الكراهة الحذر والتفادي، وهو استعمال معروف وتكرر في القرآن (?).

قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176]، أي: " والله عالم بعواقب الأمور، وما فيها من الخير لعباده" (?).

قال سعيد بن جبير: " يعني: من قسمة المواريث وغيرها عليم" (?).

قال الطبري: أي: "من مصالح عباده في قسمة مواريثهم وغيرها، وجميع الأشياء، فهو بذلك كله ذو علم" (?).

قال ابن كثير: " أي: هو عالم بعواقب الأمور ومصالحها وما فيها من الخير لعباده، وما يستحقه كل واحد من القرابات بحسب قربه من المتوفى" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015