قوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} [النساء: 166]، أي: " وكذلك الملائكة يشهدون بصدق ما أوحي إليك" (?).
قال مكي بن ابي طالب: أي: "ويشهد بذلك ملائكته" (?).
قال ابن ابي زمنين: اي: " أنه أنزله إليك" (?).
قال الطبري: أي: " ويشهد لك بذلك ملائكته، فلا يحزنك تكذيبُ من كذَّبك، وخلافُ من خالفك" (?).
قال الواحدي: أي: يشهد " لك بالنُّبوَّة إنْ جحدت اليهود وشهادة الملائكة إنَّما تُعرف بقيام المعجزة فمَنْ ظهرت معجزته شهدت الملائكة بصدقه" (?).
قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 166]، أي: " وشهادة الله وحدها كافية" (?).
قال الواحدي: "أَيْ: كفى الله شهيدا" (?).
قال الطبري: أي: " وحسبك بالله شاهدًا على صدقك دون ما سواه من خلقه، فإنه إذا شهد لك بالصدق ربك، لم يَضِرْك تكذيب من كذَّبك" (?).
قال الزجاج: " معناه: وكفى الله شهيدا، و «الباء» دخلت مؤكدة، المعنى: اكتفوا بالله في شهادته" (?).
قال السمعاني: " فإن قيل: إذا شهد الله له بالرسالة، فأي حاجة إلى شهادة الملائكة؟
قيل: لأن الذين حضروا عند النبي، كان عندهم أنهم علماء الأرض؛ فقالوا: نحن علماء الأرض، ونحن ننكر رسالتك، فقال الله تعالى: إن أنكره علماء الأرض، يشهد به علماء السماء، وهم الملائكة، على مقابلة زعمهم وظنهم؛ لا للحاجة إلى شهادتهم؛ فإنه قال: {وكفى بالله شهيدا} " (?).
الفوائد:
1 - شهادة الرب تبارك وتعالى والملائكة بنبوة خاتم الأنبياء ورسالته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 - إن ما حواه القرآن من تشريع وما ضمه بين دفتيه من معارف وعلوم أكبر شهادة للنبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنبوة والرسالة.
3 - و «الشهيد»: اسم من أسمائه تعالى، أي: "المطَّلع على جميع الأشياء. سمع جميع الأصوات، خفيّها وجليها. وأبصر جميع الموجودات، دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، وأحاط علمه بكل شيء، الذي شهد لعباده، وعلى عباده، بما عملوه" (?).
قال الخطابي: " الشهيد: هو الذي لا يغيب عنه شيء. يقال: شاهد وشهيد كعالم، وعليم. أي: كأنه الحاضر الشاهد الذي لا يعزب عنه شيء، وقد قال -سبحانه -: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة/185]، أي: من حضر منكم في الشهر فليصمه، ويكون الشهيد، بمعنى: العليم. كقوله: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} [آل عمران: 18]، قيل: معناه: علم الله" (?).
القرآن
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167)} [النساء: 167]
التفسير:
إن الذين جحدوا نُبُوَّتك، وصدوا الناس عن الإسلام، قد بَعُدوا عن طريق الحق بُعْدًا شديدًا.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 167]، أي: " إن الذين جحدوا نُبُوَّتك" (?).