قال الزجاج: " وهذا عند النحويين رديء، أعني العطف على الهاء والميم لأنه لا يعطف بالظاهر المجرور على المضمر المجرور إلا في شعر" (?).
والرابع: أنه منصوب على المدح، فالمعنى: اذكر المقيمين الصلاة، وهم المؤتون الزكاة، كما جاء في قوله: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} [البقرة: 177]، قالوا: وهذا سائغ في كلام العرب، كما قال الخرنق بنت بدر بن هفان (?):
لا يَبْعَدَن قومي الذين همُو ... سُمّ العداة وآفة الجُزرِ
النازلين بكل مُعْتركٍ ... والطَّيّبُونَ مَعَاقِدَ الأزْرِ
وهذا على معنى: اذكر النازلين، وهم الطيبون، ومن هذا قولك: مررت بزيد الكريم، إن أردت أن تخلصه من غيره. فالخفض هو الكلام، وإن أردت المدح والثناء، فإن شئت نصبت، فقلت: بزيد الكريم، كأنك قلت: اذكر الكريم، وإن شئت رفعت على معنى: هو الكريم. وتقول: جاءني قومك المطعمين في المحل، والمغيثون في الشدائد على معنى: اذكر المطعمين، وهم المغيثون، وهذا القول اختيار الخليل (?)، وسيبويه (?).
فهذه الأقوال حكاها الزجاج، واختار القول الأخير (?).
قوله تعالى: {وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [النساء: 162]، أي: " ويخرجون زكاة أموالهم" (?).
قال مقاتل: " يعني: المعطون الزكاة" (?).
قال ابن كثير: " يحتمل أن يكون المراد زكاة الأموال، ويحتمل زكاة النفوس، ويحتمل الأمرين" (?).
قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 162]، أي: " ويؤمنون بالله وبالبعث والجزاء" (?).
قال مقاتل: " أنه واحد لا شريك له، والبعث الذي فيه جزاء الأعمال" (?).
قال ابن كثير: " أي: يصدقون بأنه لا إله إلا الله، ويؤمنون بالبعث بعد الموت، والجزاء على الأعمال خيرها وشرها" (?).
قال النضر بن شميل: "تفسير «المؤمن»: أنه أمن من عذاب الله" (?).
قال قتادة: " المؤمنون: هم العجاجون بالليل والنهار، والله ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجيب لهم" (?).
قال سعيد بن جبير: " {واليوم الآخر}، يعني: ويصدقون بالغيب الذي فيه جزاء الأعمال" (?).
قال الراغب: " وقد ذكر تعالى عامة الإيمان الاعتقادي، فإن جماعة ذلك هي المذكورة في قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: 136] الآية، ولم يذكر «الملائكة» ها هنا في ضمن الإيمان {وما أنزل} إيمانا بالملائكة الذين نزلوا به وإنما قدم الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - على الإيمان بالله ها هنا لأن القصد من الآية إليه، والمذكور بعده على سبيل التبع، وذكر من الإيمان العملي إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأنهما ركنا العبادة، وعلى هذا يخصهما في عامة الآيات من بين العبادات" (?).
قوله تعالى: {أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 162]، أي: " أولئك سيعطيهم الله ثوابًا عظيمًا، وهو الجنة" (?).