من وجه، فقلة الطعم سبب لتوهين الشهوة، ولتوهينها أمر تعالى في كل شرع بصوم، ليكون ذلك سببا لمنعها عما تدعو إليه، فلا تكون كالبهائم التي تأكل ما تشتهي، وإلى نحو هذا أشار قوله عليه الصلاة والسلام: «صوموا تصحوا» (?)، فإن في الصوم صحة للبدن، وصحة النفس" (?).
الفوائد:
1 - المعاصي تورث الحرمان من خير الدنيا والآخرة.
2 - حرمة الصد عن الإسلام ولو بالسلوك الشائن والمعاملة الباطلة.
القرآن
{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)} [النساء: 161]
التفسير:
وبسبب تناولهم الربا الذي نهوا عنه، واستحلالهم أموال الناس بغير استحقاق، وأعتدنا للكافرين بالله ورسوله مِن هؤلاء اليهود عذابًا موجعًا في الآخرة.
قوله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161]، أي: " وبسبب تناولهم الربا الذي نهوا عنه" (?).
قال الطبري: " وهو أخذهم ما أفضلوا على رءوس أموالهم، لفضل تأخير في الأجل بعد مَحِلِّها، {وقد نهوا عنه}، يعني: عن أخذ الربا" (?).
قال مقاتل بن حيان: " كان الله حرم على أهل التوراة حين أقروا بها أن يأكلوا الربا , فأكلوا الربا" (?).
قال النسفي: " كان الربا محرماً عليهم كما حرم علينا وكانوا يتعاطونه" (?).
قوله تعالى: {وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 161]، أي: " واستحلالهم أموال الناس بغير استحقاق" (?).
قال السمعاني: " يعنى: الرشا" (?).
قال السيوطي: أي: " بالرشا في الحكم" (?).
قال النسفي: أي: " بالرشوة وسائر الوجوه المحرمة" (?).
قال الطبري: " يعني: ما كانوا يأخذون من الرُّشَى على الحكم، كما وصفهم الله به في قوله: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة المائدة: 62]، وكان من أكلهم أموال الناس بالباطل، ما كانوا يأخذون من أثمان الكتب التي كانوا يكتبونها بأيديهم، ثم يقولون: "هذا من عند الله"، وما أشبه ذلك من المآكل الخسيسة الخبيثة، فعاقبهم الله على جميع ذلك، بتحريمه ما حرَّم عليهم من الطيبات التي كانت لهم حلالا قبل ذلك، وإنما وصفهم الله بأنهم أكلوا ما أكلوا من أموال الناس كذلك بالباطل، لأنهم أكلوه بغير استحقاق، وأخذوا أموالهم منهم بغير استيجاب" (?).
قال مقاتل بن حيان: " قوله: {بالباطل}، قال: ظلما" (?)، قال: " كان الله حرم على أهل التوراة حين أقروا بها أن يأكلوا أموال الناس , فأكلوا أموال الناس , فلما فعلوا ذلك حرم الله عليهم ما كان أحل لهم في التوراة" (?).