قال ابن كثير: " أي: بأعمالهم التي شاهدها منهم قبل رفعه إلى السماء وبعد نزوله إلى الأرض" (?).
قال الطبري: أي: " ويوم القيامة يكون عيسى على أهل الكتاب {شهيدًا}، يعني: شاهدًا عليهم بتكذيب من كذَّبه منهم، وتصديق من صدقه منهم، فيما أتاهم به من عند الله، وبإبلاغه رسالة ربه" (?).
قال الزمخشري: "يشهد على اليهود بأنهم كذبوه، وعلى النصارى بأنهم دعوه ابن الله" (?).
وفي تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159]، وجهان:
أحدهما: أن المسيح-عليه السلام- يكون شهيداً بتكذيب من كذبه وتصديق من صدقه من أهل عصره (?).
والثاني: أنه يكون شهيداً أنه بلَّغ رسالة ربه، وأقر بالعبودية على نفسه، وهذا قول قتادة (?)، وابن جريج (?).
الفوائد:
1 - أن الإيمان؛ كالتوبة عند معاينة ملك الموت لا تنفع ولا تقبل وجودها كعدمها.
2 - أن عيسى-عليه السلام- سوف ينزل في آخر هذه الأمة، عند اقتراب الساعة وظهور علاماتها الكبار، يقتل الدجال، ويضع الجزية، ويؤمن به أهل الكتاب مع المؤمنين (?)، وكما جاء في الحديث: " وإنيّ أولى الناس بعيسى ابن مريم، لأنه لم يكن بيني وبينه نبيٌّ، وإنه نازلٌ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ... " (?) الحديث.
3 - أن عيسى-عليه السلام-سوف يشهد يوم القيامة على أهل الكتاب ببطلان كل ما هم عليه، مما هو مخالف لشريعة القرآن ولما دعاهم إليه محمد صلى الله عليه وسلم، علمنا بذلك، لعلمنا بكمال عدالة المسيح عليه السلام وصدقه، وأنه لا يشهد إلا بالحق، إلا أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وما عداه فهو ضلال وباطل (?).
القرآن
{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160)} [النساء: 160]
التفسير:
فبسبب ظلم اليهود بما ارتكبوه من الذنوب العظيمة حَرَّم الله عليهم طيبات من المأكل كانت حلالا لهم، وبسبب صدِّهم أنفسهم وغيرهم عن دين الله القويم.
قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} [النساء: 160]، أي: " أي بسبب ظلم اليهود وما ارتكبوه من الذنوب العظيمة" (?).
قال قتادة: " عوقب القوم بظلم ظلموه وبَغْيٍ بَغَوْه" (?).
قال مقاتل: " يعني: اليهود" (?).
قوله تعالى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160]، أي: "حرمنا عليهم أنواعاً من الطيبات التي كانت محلّلة لهم" (?).
قال قتادة: " حرمت عليهم أشياء ببغيهم وبظلمهم" (?).
قال الشَّافِعِي: "يعني - والله تعالى أعلم - طيبات كانت أحِلت لهم" (?).