قال الزمخشري: " معناه: أن إيتاءها كائن لا محالة وإن تأخر فالغرض به توكيد الوعد وتثبيته لا كونه متأخرا" (?).

قال السمعاني: " إنما سماه أجرا مجازا؛ لأنه ذكره بإزاء العمل، لأن العمل يوجبه، وهذا نحو قوله - تعالى - في قصة موسى: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: 25]، سماه «أجرا» على مقابلة العمل؛ لأن موسى عمل؛ ليؤجر عليه" (?).

قال الشوكاني: " الإشارة بقوله: أولئك إلى {الذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم} " (?).

قال أبو السعود: " وتصديره بـ {سوف}، لتأكيد الوعد والدلالة على إنه كائن لا محالة وإن تراخى" (?).

وقرأ حمزة وعاصم-في رواية أبي بكر-، وابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر والكسائى: {نؤتيهم}، بالنون (?).

قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 152]، أي: وكان الله" غفوراً لما سلف منهم من المعاصي والآثام متفضلاً عليهم بأنواع الإِنعام" (?).

قال ابن كثير: " أي: لذنوبهم، أي: إن كان لبعضهم ذنوب" (?).

قال البيضاوي: " {وكان الله غفورا}، لما فرط منهم. {رحيما}، عليهم بتضعيف حسناتهم" (?).

قال الطبري: "يقول: ويغفر لمن فعل ذلك من خلقه ما سلف له من آثامه، فيستر عليه بعفوه له عنه، وتركه العقوبة عليه، فإنه لم يزل لذنوب المنيبين إليه من خلقه غفورًا، {رحيمًا}، يعني ولم يزل بهم رحيمًا، بتفضله عليهم بالهداية إلى سبيل الحق، وتوفيقه إياهم لما فيه خلاص رِقابهم من النار" (?).

قال الماتريدي: " أخبر - عز وجل - أنه لم يزل غفورا رحيما، وهم يقولون: لم يكن غفورا رحيما ولكن صار غفورا رحيما، وبالله العصمة" (?).

قال الراغب: " ونبه بذكر الغفران على غفران ذنوبهم وبالرحمة على مجازاتهم بالإحسان" (?).

الفوائد:

1 - صحة الدين الإسلامي إذ وعد المؤمنين بتوفية أجورهم والمغفرة والرحمة لهم.

2 - وفي الآية دلالة نقض قول المعتزلة؛ لأنهم لا يسمون صاحب الكبيرة مؤمنا، وهو قد آمن بالله ورسله ولم يفرق بين أحد من رسله؛ فدخل في قوله - تعالى -: {أولئك سوف يؤتيهم أجورهم} وهم يقولون: لا يؤتيهم أجورهم (?).

3 - إثبات اسمين من أسمائه تعالى، وهما: «الغفور» و «الرحيم»:

«الغفور»: "هو الذي تكثر منه المغفرة" (?).

وأن اقتران اسم «الغفور» باسم «الرحيم» يفيد أنه سبحانه يغفر للمستغفرين والتائبين لأنه واسع الرحمة. بمعنى أنه يغفر لمن تاب إليه وأناب رحمة منه لهذا العبد، لأنه لو لم يرحمه ويتداركه بمغفرته لهلك وخسر (?).

و«الرحيم»: يتضمن صفة الرحمة التي تعم عباده المؤمنين فحسب بأن هداهم إلى الإيمان في الدنيا، وهو يثيبهم في الآخرة الثواب الدائم الذي لا ينقطع، إذ يقول سبحانه: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب آية 43].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015