القرآن
{انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)} [النساء: 50]
التفسير:
انظر إليهم -أيها الرسول- متعجبًا من أمرهم، كيف يختلقون على الله الكذب، وهو المنزَّه عن كل ما لا يليق به؟ وكفى بهذا الاختلاق ذنبًا كبيرًا كاشفًا عن فساد معتقدهم.
قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النساء: 50]، " أي: انظر يا محمد، كيف اختلقوا على الله الكذب" (?).
قال ابن عباس: " {يفترون}: يكذبون" (?).
وقال قتادة: " {يفترون}، أي: يشركون" (?).
قال مقاتل: " لقولهم نحن أبناء الله وأحباؤه" (?).
قال أبو عبيدة: " {انظر كيف يفترون على الله الكذب} مثل: {ألم تر إلى الذين} " (?).
قال الزمخشري: أي: " كيف يفترون على الله الكذب في زعمهم أنهم عند الله أزكياء " (?).
قال الزجاج: " أي: يفعلونه ويختلقونه، ويقال: قد فرى الرجل يفري إذا عمل، وإذا قطع زمن هذا: فريت جلده. فتأويله أن هذا القول أعني تزكيتهم أنفسهم فرية منهم" (?).
قال ابن عطية: " يبين أن تزكيتهم أنفسهم كانت بالباطل والكذب، ويقوي أن التزكية كانت بقولهم نحن أبناء الله وأحباؤه [المائدة: 18] إذ الافتراء في هذه المقالة أمكن" (?).
قال ابن كثير: " أي: في تزكيتهم أنفسهم ودعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه وقولهم: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 111] وقولهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: 80] واتكالهم على أعمال آبائهم الصالحة، وقد حكم الله أن أعمال الآباء لا تجزي عن الأبناء شيئا، في قوله: {تِلْكَ أُمَةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 141] " (?).
قال الطبري: أي: " انظر، يا محمد، كيف يفتري هؤلاء الذين يزكون أنفسهم من أهل الكتاب القائلون: {نحن أبناء الله وأحباؤه}، وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى، الزاعمون أنه لا ذنوب لهم الكذبَ والزور من القول، فيختلقونه على الله" (?).
أخرج ابن ابي حاتم عن عكرمة: "قال النضر -وهو من بني عبد الدار-: إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى فأنزل الله تعالى: {افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} " (?).
قوله تعلى: {وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 50]، " أي: وكفى بهذا الافتراء وزراً بيناً وجرماً عظيماً" (?).
قال ابن كثير: " أي: وكفى بصنعهم هذا كذبا وافتراء ظاهرا" (?).
قال الزمخشري: " وكفى بزعمهم هذا إثما مبينا من بين سائر آثامهم" (?).
قال الزجاج: " أي كفى هو إثما. منصوب على التمييز، أي كفى به في الآثام" (?).