قوله تعالى: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49]، "أي: ولا ينقصون من أعمالهم بقدر الفتيل، وهو الخليط الذي في شق النواة" (?).

قال الزجاج: " ولا يظلمون مقدار فتيل" (?).

قال الواحدي: " يريد لا ينقصون من ثواب أعمالهم مثل فتيل النواة" (?).

قال السمعاني: " أي: لا ينقص من أجورهم شئ إن أسلموا، ولا من أوزارهم إن لم يسلموا. والفتيل والقطمير والنقير: ثلاثة أسامي مذكورة في القرآن فالفتيل: اسم لما يكون في شق النواة، والقطمير: اسم للقشرة التي تكون على النواة، والنقير: اسم للنقطة التي تكون على ظهر النواة، هذا قول ابن عباس" (?).

وفي قوله تعالى: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49]، وجهان:

أحدهما: أي الفتيل الذي شق النواة، وهو قول عطاء (?)، وقتادة (?)، ومجاهد (?)، والضحاك (?)، وابن زيد (?)، وعطية العوفي (?)، وخصيف (?)، وأبو عبيدة (?)، والحسن (?)، وأحد قولي ابن عباس (?).

والثاني: أنه ما انفتل بين الأصابع من الوسخ، وهذا قول السدي (?)، وأبي مالك (?)، وأحد قولي ابن عباس (?).

قال الطبري: " إنما قصد بقوله: {ولا يظلمون فتيلا}، الخبرَ عن أنه لا يظلم عبادَه أقلَّ الأشياء التي لا خطر لها، فكيف بما له خطر؟ وكان الوسخ الذي يخرج من بين إصبعي الرجل أو من بين كفيه إذا فتل إحداهما على الأخرى، كالذي هو في شق النواة وبطنها، وما أشبه ذلك من الأشياء التي هي مفتولة، مما لا خطر له، ولا قيمة، فواجبٌ أن يكون كل ذلك داخلا في معنى «الفتيل»، إلا أن يخرج شيئًا من ذلك ما يجب التسليم له، مما دل عليه ظاهر التنزيل" (?).

قال ابن السكيت: "القطمير: القشرة الرقيقة على النواة، والفتيل: ما كان في شق النواة، والنقير: النكتة في ظهر النواة" (?).

قال الأزهري: "وهذه الأشياء كلها تضرب أمثالا للشيء التافه الحقير القدر، أي: لا يظلمون قدرها، قال النابغة (?):

يَجْمَعُ الْجَيْشَ ذَا الْأُلُوفِ وَيَغْزُو ... ثُمَّ يَرْزَأُ الْعَدُوَّ فَتِيلًا" (?)

الفوائد:

1 - التحذير من تزكية النفس بأمر ليس فيه.

2 - أن هؤلاء اليهود وإن زكوا أنفسهم بزعمهم أنهم على شيء، وأن الثواب لهم وحدهم- فإنهم كذبة في ذلك، ليس لهم من خصال الزاكين نصيب، بسبب ظلمهم وكفرهم لا بظلم من الله لهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015