وفي قوله تعالى: {وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} [النساء: 46]، ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن هذه الكلمة كانت سَبّاً في لغتهم، كانوا يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة، فأطلع الله نبيّه عليها فنهاهم عنها. حكاه الزجاج عن بعضهم (?).
والثاني: أنها كانت تجري مجرى الهُزْءِ والسخري. وهذا قول ابن عباس (?)، وقتادة (?)، والسدي (?)، واختيار الزجاج (?).
والثالث: إنها كانت تخرج مخرج الكِبْر، " كأنهم يقولون: ارعنا سمعك أي اجعل كلامك لسمعنا مرعى. حكاه الزجاج عن بعضهم (?).
قال الزجاج: " وهذا مما لا تخاطب به الأنبياء - صلوات الله عليهم –، إنما يخاطبون بالإجلال والإعظام" (?).
قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النساء: 46]، أي: " ولو أنهم قالوا: سمعنا وأطعنا عوضا عن قوله سمعنا وعصينا" (?).
قال مقاتل بن حيان: " سمعنا للقرآن الذي جاد من الله، وأطعنا: أقروا لله أن يطيعوه في أمره ونهيه" (?).
قوله تعالى: {وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا} [النساء: 46]، أي: " واسمع وانظرنا، عوضاً عن قولهم غير مسمع وراعنا" (?).
قال مجاهد: " {انظرنا}: أفهمنا" (?)، وفي رواية: "أفهمنا وبين لنا يا محمد " (?)، وفي رواية أخرى: "يقولون: أفهمنا لا تعجل علينا سوف نتبعك إن شاء الله" (?).
قوله تعالى: {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} [النساء: 46]، "أي: لكان ذلك القول خيراً لهم عند الله وأعدل وأصوب" (?).
قال الزمخشري: أي: " لكان قولهم ذلك خيرا لهم وأقوم وأعدل وأسد" (?).
قال ابن عطية: " {أقوم}، معناه: أعدل وأصوب" (?).
قوله تعالى: {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 46]، " أي: ولكن أبعدهم الله عن الهدى وعن رحمته بسبب كفرهم السابق " (?).
قال الزمخشري: أي: " ولكن لعنهم الله بكفرهم أى خذلهم بسبب كفرهم، وأبعدهم عن ألطافه" (?).
قال ابن عطية: " «واللعنة»: الإبعاد، فمعناه: أبعدهم من المهدي" (?).
قوله تعالى: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 46]، " أي: فلا يصدقون بالحق إلا تصديقًا قليلا" (?).
قال قتادة: " لا يؤمنون هم إلا قليلا" (?).