قال ابن كثير: " وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، فَلْيحذَرْ منه كل عاقل لبيب ممن ألقى السمع وهو شهيد" (?).

الفوائد:

1 - الوعيد الشديد لقاتل النفس عدواناً وظلماً بالإصلاء بالنار.

2 - إن كان القتل غير عدوان بأن كان خطأ، أو كان غير ظلم بأن كان عمداً ولكن بحق كقتل من قتل والده وابنه أو أخاه فلا يستوجب هذا الوعيد الشديد.

القرآن

{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)} [النساء: 31]

التفسير:

إن تبتعدوا -أيها المؤمنون- عن كبائر الذنوب كالإشراك بالله وعقوق الوالدين وقَتْلِ النفس بغير الحق وغير ذلك، نكفِّر عنكم ما دونها من الصغائر، وندخلكم مدخلا كريمًا، وهو الجنَّة.

قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31]، " أي: إِن تتركوا أيها المؤمنون الذنوب الكبائر التي نهاكم الله عَزَّ وَجَلَّ عنها" (?).

قال الزجاج: " تتركوا نهائيا، والكبائر حقيقتها أنها كل ما وعد الله عليه النار، نحو القتل والزنا والسرقة وأكل مال اليتيم ... والكبائر ما كبر وعظم من الذنوب" (?).

قال أبو السعود: " أي: كبائر الذنوب التي نهاكم الشرع عنها مما ذكر ههنا ومالم يذكر" (?).

قال أنس بن مالك: " ما لكم وللكبائر وقد وعدتم المغفرة، أحسبه قال: وقد وعدكم المغفرة، فيما دون الكبائر " (?).

وعن مجاهد، في قول عز وجل: " {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} قال: الموجبات " (?).

قال قتادة: " إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر " (?).

قال السمعاني: " وقيل: باجتناب الكبائر، تقع الصغائر مكفرة، ومذهب أهل السنة: أن تكفير الصغائر معلقة بالمشيئة؛ فيجوز أن يعفو الله عن الكبائر، ويأخذ بالصغائر، ويجوز أن يجتنب الرجل الكبائر، فيؤخذ بالصغائر" (?).

وذكر أهل التفسير في معنى "الكبائر" وجوها:

أحدها: أنها كل ما نهى الله عنه من أول سورة النساء إلى رأس الثلاثين منها، وهذا قول عبدالله بن مسعود (?)، وإبراهيم (?)، وابن عباس في رواية سعيد بن جبير عنه (?).

والثاني: أن كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة. وهذا قول ابن عباس (?)، وابو العالية (?)، وعبيدة في روياة ابن سيرين (?).

قال طاوس: "ذكروا عند ابن عباس الكبائر فقالوا: هي سبع. قال: هي أكثر من سبع وَسبع! قال سليمان: فلا أدري كم قالها من مرّة" (?). في رواية أخرى: " قال: هي إلى السبعين أقرب" (?)، وفي رواية أخرى: " إلى سبع مائة أقرب، إنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015