2 - الكشف عن نفسية الإنسان، إذ الزناة يرغبون في كون الناس كلهم زناة، والمنحرفون يودون أن ينحرف الناس مثلهم، وهكذا كل منغمس في خبث أو شر أو فساد يود أن يكون كل الناس مثله، كما أن الطاهر يود أن يطهر ويصلح كل الناس.
القرآن
{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)} [النساء: 28]
التفسير:
يريد الله تعالى بما شرعه لكم التيسير، وعدم التشديد عليكم; لأنكم خلقتم ضعفاء.
قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]، " أي يريد تعالى بما يسَّر أن يسهّل عليكم أحكام الشرع" (?).
قال الطبري: أي: " يريد الله أن يُيسر عليكم، بإذنه لكم في نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولا لحرة" (?).
قال الماوردي: أي: " عن احتمال الصبر عن جماع النساء" (?).
قال الزمخشري: أي: " إحلال نكاح الأمة وغيره من الرخص" (?).
قال السمعاني: " أي: يسهل عليكم، وقد سهل هذا الدين" (?). قال-صلى الله عليه وسلم-: «بعثت بالحنيفية السمحة» (?)، وقال الله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157].
قال مجاهد: "قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}، يقول: في نكاح الأمة وفي كل شيء فيه يسر" (?).
قال ابن زيد: ": رخّص لكم في نكاح هؤلاء الإماء، حين اضطُرّوا إليهن" (?).
وفي قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]، وجهان:
أحدهما: أن المراد به نكاح الأمة عند الضرورة. وهو قول مجاهد (?)، ومقاتل (?).
والثاني: أن هذا عام في كل أحكام الشرع، وفي جميع ما يسره لنا وسهله علينا إحسانا منه إلينا، ولم يثقل التكليف علينا كما ثقل على بني إسرائيل بفضله ولطفه. وهذا قول وأبي جعفر الترمذي (?)، والزمخشري (?)، ونسب الواحدي معناه إلى ابن عباس (?).
قوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]، " أي: وخلق الإنسان عاجزاً عن مخالفة هواه لا يصبر عن إِتباع الشهوات" (?).
قال الزمخشري: أي: " لا يصبر عن الشهوات وعلى مشاق الطاعات" (?).
قال الطبري: أي: "يسَّر ذلك عليكم إذا كنتم غيرَ مستطيعي الطوْل للحرائر، لأنكم خُلِقتم ضعفاء عجزةً عن ترك جماع النساء، قليلي الصبر عنه، فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات عند خوفكم العَنَت على أنفسكم، ولم تجدُوا طولا لحرة، لئلا تزنوا، لقلّة صبركم على ترك جماع النساء" (?).
قال الحجازي: أي: " وخلق الإنسان ضعيفا عن مقاومة الشهوات والوقوف أمام تيارات النساء فإنهن حبائل الشيطان. ولهذا نهانا عن الجلوس مع غير المحارم والحديث معهن لغير ضرورة، ونهى النساء عن كشف عوراتهن وتبرجهن وعن إبداء زينتهن" (?).