قال الزجاج: " ي أن تعدلوا عن القصد" (?).
قال السدي: " هم اليهود والنصارى" (?).
قال مجاهد: "قوله: {يتبعون الشهوات} قال: الزنا" (?). وروي عن ابن عيينة نحو ذلك (?).
قال مقاتل بن حيان: " والميل العظيم: أن اليهود يزعمون أن نكاح الأخت من الأب حلال من الله" (?).
قال السمعاني: " الميل العظيم: هو أن يفعل فعلا لا يخاف الله فيه، ولا يرقب الناس، وقيل: الميل العظيم باتباع الشهوات" (?).
قال الراغب: " الميل وإن كان عاما في الميل إلى الخير والشر، فالمقصود به ههنا الجور عن قصد السبيل، ولما كان جميع عبادة الله بالقول المجمل ضربين، صقل العقل، وقمع الشهوة، وكل أمر ونهي فذريعة إليهما، صار اتباع الشهوة سبب كل مذمة، فلذلك عبر بمتبع الشهوات عن الفاسق والكافر، وعلى هذا قوله: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم: 59].
فإن قيل: فليس اتباع الشهوات مذموما في كل حال.
بل منها ما هو محمود؟
قيل: قد قال بعض المتكلمين وبعض المفسرين: عنى بذلك بعض الشهوات.
وقال بعضهم: عنى من يتبع الشهوات كلها.
والصحيح أن اتباع الشهوة في كل حال مذموم، لأن ذلك هو الائتمار لها من حيث ما دعت، وما سوغ من تعاطي ذلك، فليس جواز تعاطيه من حيث دعت الشهوة إليه، بل من حيث سوغ العقل أو الشرع، فذلك هو اتباع لهما، ويؤكد ذلك قوله: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]، وقوله: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف: 176]، وقيل: عبد الشهوة أذل من عبد الرق" (?).
وفي تفسير قوله تعالى: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27]، ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهم الزناة، وهو قول ابن عباس (?)، ومجاهد (?)، وعكرمة (?)، وابن عيينة (?).
والثاني: أنهم اليهود والنصارى، وهو قول السدي (?).
والثالث: كل متبع شهوةً في دينه لغير الذي أبيح له، وهو قول ابن زيد (?).
والراجح –والله أعلم- أن معنى ذلك "ويريد الذين يتبعون شهوات أنفسهم من أهل الباطل وطلاب الزنا ونكاح الأخوات من الآباء، وغير ذلك مما حرمه الله أن تميلوا عن الحق، وعما أذن الله لكم فيه، فتجورُوا عن طاعته إلى معصيته، وتكونوا أمثالهم في اتباع شهوات أنفسكم فيما حرم الله، وترك طاعته ميلا عظيمًا، لأن الله عز وجل عمّ بقوله: ويريد الذين يتبعون الشهوات، فوصفهم باتباع شهوات أنفسهم المذمومة، وعمهم بوصفهم بذلك، من غير وصفهم باتّباع بعض الشهوات المذمومة" (?).
وقرئ: {أن يميلوا}، بالياء (?).
الفوائد:
1 - منته تعالى في تطهير المؤمنين من الأخباث وضلال الجاهليات.