والثاني: أنها نسخت بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة (?).
قال ابن الجوزي: " وهذا القول ليس بشيء لوجهين:
أحدهما: أن الآية سيقت لبيان عقدة النكاح بقوله: {محصنين} أي: متزوجين، عاقدين النكاح، فكان معنى الآية {فما استمتعتم به منهن} على وجه النكاح الموصوف فآتوهن مهورهن، وليس في الآية ما يدل على أن المراد نكاح المتعة الذي نهى عنه، ولا حاجة إلى التكلف، وإنما أجاز المتعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم منع منها.
والثاني: أنه لو كان ذلك لم يجز. نسخه بحديث واحد" (?).
قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24]، أي: " ولا إثم عليكم فيما تمَّ التراضي به بينكم، من الزيادة أو النقصان في المهر، بعد ثبوت الفريضة" (?).
قال ابن عباس: " والتراضي: أن يوفيها صداقها ثم يخيرها" (?).
وقال ربيعة: " يقول الله تعالى: ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به إن أعطت زوجها من بعد الفريضة أو صنعت إليه، فذلك الذي قال" (?).
عن مقاتل بن حيان: " قوله: {من بعد الفريضة}، يعني: ما بعد تسمية الأول" (?).
وفي قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24]، أربعة أوجه:
أحدها: معناه لا حرج عليكم أيها الأزواج إن أعسرتم بعد أن فرضتم لِنِسَائكم مهراً عن تراض أن ينقصنكم منه ويتركنكم، وهذا قول سليمان بن المعتمر (?).
والثاني: لا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضتيم أنتم والنساء اللواتي استمتعتم بهن إلى أجل مسمى، إذا انقضى الأجل بينكم أن يزدنكم في الأجل وتزيدوهن في الأجر قبل أن يستبرئن أرحامهن، وهذا قول السدي (?).
ضعّفه الطبري وقال: بأنه " قولٌ لا معنى له، لفساد القول بإحلال جماع امرأة بغير نكاح ولا ملك يمين" (?).
والثالث: لا جناح عليكم فيما تراضيتم به ودفعتموه أن يعود إليكم عن تراض، وهذا قول ابن عباس (?).
والرابع: ولا جناح عليكم فيما وضَعتْ عنكم نساؤكم من صَدُقاتهن من بعد الفريضة. قاله ابن زيد (?).
والراجح من التفسير أن يقال: " ولا حرج عليكم، أيها الناس، فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من بعد إعطائهن أجورهن على النكاح الذي جرى بينكم وبينهن، من حطِّ ما وجب لهنَّ عليكم، أو إبراء، أو تأخير ووضع. وذلك نظير قوله جل ثناؤه: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) [سورة النساء: 4] " (?).
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 24]، أي: " إن الله تعالى كان عليمًا بأمور عباده، حكيما في أحكامه وتدبيره" (?).