وقال ابن جريج: " قلت لعطاء {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن} ما الدخول بهن؟ قال: أن تهدى إليك فتكشف وتفتش، وتجلس بين رجليها، قلت: إن فعل ذلك بها، في بيت أهلها، قال: حسبة قد حرم ذلك عليه بناتها، قلت له: فغمز ولم يكشف، قال: لا يحرم عليه الربيبة ذلك بأمها " (?).
قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23]، أي: "فإن لم تكونوا دخلتم بأمهاتهن وطلقتموهن أو متْنَ قبل الدخول فلا جناح عليكم أن تنكحوهن" (?).
قال ابن عباس: " قوله: {فلا جناح عليكم}، قال: فلا حرج" (?).
قال سفيان بن دينار: "سألت سعيد بن جبير عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها، ولها بنت أيتزوج بنتها؟ فتلا علي: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم}، قال: لا جناح عليه أن يتزوجها" (?).
قوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23]، "أي وحُرِم عليكم نكاح زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم" (?).
قال ابن كثير: " أي: وحُرمت عليكم زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم، يحترز بذلك عن الأدعياء الذين كانوا يَتَبَنَونهم في الجاهلية، كما قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ [إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا] (3)} الآية [الأحزاب: 37] " (?).
قال سعيد: "وكان قتادة يكره إذا تزوج الرجل المرأة، ثم طلقها قبل أن يدخل بها أن يتزوجها أبوه، ويتأول: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} " (?).
قال ابن جريج: " سألت عطاء عن: وحلائل أبنائكم قال: كنا (نتحدث) (?) والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نكح امرأة زيد، فقال المشركون بمكة في ذلك، فأنزل الله تعالى:
وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} " (?).
قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23]، "أي: وحُرّم عليكم الجمع بين الأختين معاً في النكاح إِلا ما كان منكم في الجاهلية فقد عفا الله عنه" (?).
قال ابن كثير: " أي: وحرم عليكم الجمع بين الأختين معًا في التزويج، وكذا في ملك اليمين إلا ما كان منكم في جاهليتكم فقد عفونا عن ذلك وغفرناه. فدل على أنه لا مثنوية فيما يستقبل ولا استثناء فيما سلف، كما قال: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولَى} [الدخان: 56] فدل على أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا، وقد أجمع العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة قديمًا وحديثًا على أنه يحرم الجمع بين الأختين في النكاح، ومن أسلم وتحته أختان خير، فيمسك إحداهما ويطلق الأخرى لا محالة" (?).
أخرج ابن أبي حاتم عن قبيصة بن ذؤيب: " أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين، هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، وما كنت لأصنع ذلك فخرج من عنده، فلقي رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن ذلك، فقال: لو كان إلي من الأمر شيء، ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا- قال مالك: قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب. قال: وبلغني عن الزبير بن العوام نحو ذلك" (?).
وعن عبد الله بن أبي عتبة، عن ابن مسعود: " أنه سئل عن الرجل يجمع بين الأختين الأمتين، فكرهه فقال: يقول الله تعالى: {إلا ما ملكت أيمانكم}، فقال له ابن مسعود: بعيرك أيضا مما ملكت يمينك" (?).