قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} [النساء: 20]، "أي: وإِن أردتم أيها المؤمنون نكاح امرأة مكان امرأة طلقتموها" (?).

قال ابن عباس: " إن كرهت امرأتك وأعجبك غيرها، فطلقت هذه وتزوجت تلك" (?). وروي عن مجاهد ومقاتل بن حيان نحو ذلك (?).

قوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20]، "أي: والحال أنكم كنتم قد دفعتم مهراً كبيراً يبلغ قنطاراً" (?).

قال ابن عباس: " فأعط هذه مهرها وإن كان قنطارا" (?).

وفي "القنطار" أقوال:

أحدها: «القنطار مثل التل العظيم» (?). قاله الرسول-صلى الله عليه وسلم-.

والثاني: «يعني: ألفا دينار» (?).قاله الرسول-صلى الله عليه وسلم- في رواية أنس.

والثالث: «القنطار ألف دينار» (?).قاله الرسول-صلى الله عليه وسلم- في رواية أخرى.

والرابع: أن القنطار: ألف ومائتا أوقية. قاله معاذ (?)، وروي عن أبي الدرداء وأبى هريرة نحو ذلك (?).

والخامس: أن القنطار: ثمانون ألفا. قاله سعيد بن المسيب (?).

والسادس: أن القنطار ملء مسك ثور ذهبا- (?).

والسابع: أن القنطار سبعون ألفا. قاله ابن عمر (?).وروي عن سعيد بن المسيب في إحدى قوليه، ومجاهد وطاوس مثل ذلك (?).

والثامن: أن القنطار: ألف ومائتا دينار. قاله الحسن (?).

والتاسع: أن القنطار مائة رطل، وهذا قول أبي صالح (?)، وروي عن عمرو الشعبي والسدي، وقتادة نحو ذلك (?).

والعاشر: أن من العرب من يقول: القنطار: ألف دينار، ومنهم من يقول، اثنا عشر ألفا. قاله الضحاك (?)، قال ابن أبي حاتم: "وروي عن الحسن في إحدى الروايات أنه قال: اثنا عشر ألفا" (?).

الحادي عشر: أن القنطار: خمسة عشر ألفا مثقال، والمثقال: أربعة وعشرون قيراطا، أصغرها مثل أحد، وأكبرها ما بين السماء إلى الأرض. وهذا قول أبي جعفر (?).

قوله تعالى: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، "أي: فلا تأخذوا ولو قليلاً من ذلك المهر" (?).

قال مجاهد: " فلا يحل له من مال المطلقة شيء وإن كثر" (?).

قال الماوردي: " يعني: أنهن قد ملكن الصداق، وليس مِلْكُهُنَّ للصداق موقوفاً على التمسك بهن، بل ذلك لهن مع إمساكهن، وفراقهن" (?).

قوله تعالى: {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20]، أي: " أتأخذونه كذبًا وافتراءً واضحًا؟ " (?).

قال مجاهد: " {بُهْتَانًا}: إثما " (?).

قال سعيد بن جبير: " {مُبِينًا}: يعني: البيّن " (?).

قال الصابوني: "أي: أتأخذونه باطلاً وظلماً؟ " (?).

قال الماوردي: " وإنما منع من ذلك مع الاستبدال بهن وإن كان ممنوعاً منه وإن لم يستبدل بهن أيضاً لِئَلا يتوهم متوهم أنه يجور مع استبدال غيرها بها أن يأخذ ما دفعه إليها ليدفعه إلى من استبدل بها منه وإن كان ذلك عموماً" (?).

الفوائد:

1 - تحريم أخذ شيء من مهر المرأة إذا طلقها الزوج لا لإتيانها بفاحشة ولا لنشوزها، ولكن لرغبة منه في طلاقها ليتزوج غيرها في هذه الحال لا يحل له أن يضارها لتفتدي منه بشيء ولو قل، ولو كان قد أمهرها قنطاراً فلا يحل أن يأخذ منه فلساً فضلاً عن دينار أو درهم (?).

2 - جواز غلاء المهر فقد يبلغ القنطار غير أن التيسير فيه أكثر بركة.

قال الشيخ السعدي: " في هذه الآية دلالة على عدم تحريم كثرة المهر، مع أن الأفضل واللائق الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في تخفيف المهر. ووجه الدلالة أن الله أخبر عن أمر يقع منهم، ولم ينكره عليهم، فدل على عدم تحريمه، لكن قد ينهي عن كثرة الصداق إذا تضمن مفسدة دينية وعدم مصلحة تقاوم" (?).

القرآن

{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)} [النساء: 21]

التفسير:

وكيف يحلُّ لكم أن تأخذوا ما أعطيتموهن من مهر، وقد استمتع كل منكما بالآخر بالجماع، وأخَذْنَ منكم ميثاقًا غليظًا من إمساكهن بمعروف أو تسريحهن بإحسان؟

قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21]، " أي: كيف يباح لكم أخذه وقد استمعتم بهن بالمعاشرة الزوجية؟ " (?).

قال الطبري: أي: " وعلى أي وجه تأخذون من نسائكم ما آتيتموهن من صدقاتهن، إذا أردتم طلاقهن واستبدال غيرهن بهن أزواجًا وقد تباشرتم وتلامستم" (?).

قال القاسمي: " قوله: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ}: إنكار لأخذه إثر إنكار، وتنفير عنه غب تنفير، على سبيل التعجب. أي: بأي وجه تستحلون المهر وقد أفضى أي وصل بعضكم إلى بعض فأخذ عوضه " (?).

قال ابن عباس: " الإفضاء المباشرة، ولكنّ الله كريم يَكْني عما يشاء" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015