جَهِل عظيمَ عقاب الله عليه أهلَه في عاجل الدنيا وآجل الآخرة، فقيل لمن أتاه وهو به عالم: أتاه بجهالة، بمعنى أنه فعل فعل الجهَّال به، لا أنه كان جاهلا" (?).

قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: 17]، أي: " ثم يرجعون إلى ربهم بالإنابة والطاعة قبل معاينة الموت" (?).

قال السمعاني: " يعني: قبل الموت" (?).

قال الزجاج: أي: " يتوقفون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان وبين الموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت" (?).

قال السيوطي: " الآيتين (?)، فيه بيان الوقت الذي تقبل فيه التوبة وهو ما لم يصل الإنسان إلى الغرغرة ومشاهدة ملائكة الموت والعذاب فإذا وصل إلى ذلك لم تقبل له توبة ولا يصح منه إيمان" (?).

وفي تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: 17]، ثلاثة أقوال:

أحدها: ثم يتوبون في صحتهم قبل موتهم، وقبل مرضهم، وهذا قول ابن عباس (?)، والسدي (?)، وروي عن قتادة نحوه (?).

والثاني: قبل معاينة مَلَكِ الموت، وهو قول الضحاك (?)، وأبي مجلز (?)، ومحمد بن قيس (?)، الحسن (?)، وابن عباس في رواية أخرى عنه (?).

والثالث: معناه: ثم يتوبون قبل الموت، وهو قول ابن زيد (?)، والضحاك في رواية أخرى (?)، وعكرمة الذي روي عنه: "الدنيا كلها قريب" (?)، ومقاتل (?)، واختاره الزجاج (?).

والراجح أن يقال في التفسير: أنهم" ثم يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله تبارك وتعالى ونهيَه، وقبل أن يُغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحَشْرجة وغمّ الغرغرة، فلا يعرفوا أمر الله ونهيه، ولا يعقلوا التوبة، لأن التوبة لا تكون توبة إلا ممن ندمٍ على ما سلف منه، وعزمٍ منه على ترك المعاودة، وهو يعقل الندم، ويختار ترك المعاودة: فأما إذا كان بكرب الموت مشغولا وبغمّ الحشرجة مغمورًا، فلا إخالُه إلا عن الندم على ذنوبه مغلوبًا" (?).

روي عن أبي قلابة قال: "ذُكر لنا أن إبليس لما لُعن وأُنظر، قال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح. فقال تبارك وتعالى: وعزتي لا أمنعه التَّوبة ما دام فيه الروح" (?).

وروي، عن الحسن قال: "بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن إبليس لما رأى آدم أجْوفَ قال: وعزتك لا أخرج من جوفه ما دام فيه الروح! فقال الله تبارك وتعالى: وعزتي لا أحُول بينه وبين التوبة ما دام فيه الروح" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015