روى القاسم بن محمد قال: "جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتاماً، وإن لهم إبلاً، فماذا يحل لي منها؟ فقال: إن كنت تبغي ضالتها، وتهنأ جرباءَها، وتلوط حوضها، وتفرط عليها يوم وِرْدِهَا، فاشرب من ألبانها غير مُضِرِّ بنسل، ولا بأهل في الحلب" (?).

والرابع: أن يأخذ إذا كان محتاجاً أجرةً معلومة على قدر خدمته، وهو قول عطاء (?).

قال الطبري: " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: المعروف الذي عناه الله تبارك وتعالى في قوله: ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف، أكل مال اليتيم عند الضرورة والحاجة إليه، على وجه الاستقراض منه فأما على غير ذلك الوجه، فغير جائز له أكله" (?).

قوله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6]، " أي: فإِذا سلمتم إِلى اليتامى أموالهم بعد بلوغهم الرشد فأشهدوا على ذلك لئلا يجحدوا تسلمها" (?).

قال الماوردي: " ليكون بيِّنةَ في دفع أموالهم إليهم" (?).

قال الواحدي: " لكي إنْ وقع اختلافٌ أمكن الوليِّ أن يقيم البيِّنة على ردِّ المال إليه" (?).

قال ابن كثير: " وهذا أمر الله تعالى للأولياء أن يشهدوا على الأيتام إذا بلغوا الحلم وسلموا إليهم أموالهم؛ لئلا يقع من بعضهم جُحُود وإنكار لما قبضه وتسلمه" (?).

قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: 6]، " أي: وكفى بالله محاسباً ورقيباً" (?).

قال سعيد بن جبير: " يعني: لا شاهد أفضل من الله فيما بينكم وبينهم" (?).

قال الواحدي: أي: " محاسباً ومجازياً للمحسن والمسيء" (?).

قال البيضاوي: أي: " محاسبا فلا تخالفوا ما أمرتم به ولا تتجاوزوا ما حد لكم" (?).

قال ابن كثير: " أي: وكفى بالله محاسبا وشهيدًا ورقيبا على الأولياء في حال نظرهم للأيتام، وحال تسليمهم للأموال: هل هي كاملة موفرة، أو منقوصة مَبْخوسة مدخلة مروج حسابها مدلس أمورها؟ الله عالم بذلك كله. ولهذا ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تَأَمَّرَن على اثنين، ولا تَلِيَنَّ مال يتيم» (?) " (?).

قال الشافعي: " فدلَّت هذه الآية، على أن الحجر ثابت على اليتامى حتى يجمعوا خصلتين: البلوغ والرشد، فالبلوغ استكمال خمس عشرة سنة، الذكر والأنثى في ذلك سواء، إلا أن يحتلم الرجل، أو تحيض المرأة قبل خمس عشرة سنة، فيكون ذلك البلوغ، ودلَّ قول اللَّه - عز وجل -: {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}، على أنهم إذا جمعوا البلوغ، والرشد، لم يكن لأحد أن يلي عليهم أموالهم، وكانوا أولى بولاية أموالهم من غيرهم.

والرشد - واللَّه أعلم -: الصلاح في الدين حتى تكون الشهادة جائزة، وإصلاح المال، وإنما يعرف إصلاح المال بأن: يختبر اليتيم، والاختبار يختلف بقدر حال المختَبر" (?).

روي عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس في هذه الآية: {ومن كان غنيا فليستعفف، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} [النساء: 6] قال: " فنسخ الله عز وجل من ذلك الظلم والاعتداء نسخ: {إن الذين يأكلون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015