قال ابن كثير: " أي: تركوا دار الشِّرك وأتَوا إلى دار الإيمان وفارقوا الأحباب والخلان والإخوان والجيران، [إذ] ضايقهم المشركون بالأذى حتى ألجؤوهم إلى الخروج من بين أظهرهم" (?).
قال الزمخشري: " {فالذين هاجروا}، تفصيل لعمل العامل منهم على سبيل التعظيم له والتفخيم، كأنه قال: فالذين عملوا هذه الأعمال السنية الفائقة، وهي المهاجرة عن أوطانهم فارين إلى الله بدينهم من دار الفتنة، واضطروا إلى الخروج من ديارهم التي ولدوا فيها ونشوا بما سامهم المشركون من الخسف" (?).
قال الراغب: " ولم يعن بالمهاجرة والإخراج من الديار ما كان من الكفار فقط، بل عناه ومن هاجر الأفعال القبيحة، والأخلاق الكريهة، وقاتل نفسه حتى قهرها" (?).
قوله تعالى: {وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي} [آل عمران: 195]، "أي: وتحمّلوا الأذى من أجل دين الله" (?).
قال مقاتل: " يعني في سبيل دين الإسلام" (?).
قال الماتريدي: " أي: في طاعتي" (?).
قال الثعلبي: " أي في طاعتي، وهم المهاجرون الذين أخرجهم المشركون من مكة وآذوهم" (?).
قال الزمخشري: أي: " من أجله وبسببه، يريد سبيل الدين" (?).
قال ابن كثير: " أي: إنما كان ذنْبُهم إلى الناس أنهم آمنوا بالله وحده، كما قال تعالى: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} [الممتحنة: 1]. وقال تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8] " (?).
قوله تعالى: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} [آل عمران: 195]، "أي: وقاتلوا أعدائي وقتلوا في سبيلي" (?).
قال الزمخشري: أي: " وغزوا المشركين واستشهدوا" (?).
قال ابن كثير: " وهذا أعلى المقامات أن يقاتل في سبيل الله، فيُعْقَر جَواده، ويعفَّر وجهه بدمه وترابه، وقد ثبت في الصحيح أن رجلا قال: «يا رسول الله، أرأيت إن قُتلت في سبيل الله صابرا مُحْتَسبا مُقْبلا غير مُدبِر، أيُكَفِّر الله عني خطاياي؟ قال: "نعم" ثم قال: "كيف قلت؟ ": فأعاد عليه ما قال، فقال: "نعم، إلا الدَّين، قاله لي جبريل آنفًا» (?) " (?).
قرأ ابن كثير وابن عامر {وقاتلوا وقتلوا} مشددة التاء، وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو: {وقتلوا وقتلوا}، خفيفة، في حين قرأ حمزة والكسائي: {وقتلوا وقتلوا}، يبدآن بالفعل المبني للمفعول به قبل الفعل المبني للفاعل، وكذلك اختلافهم في سورة التوبة إذ قرآ {فيقتلون ويقتلون} [التوبة: 111]، غير أن ابن عامر وابن كثير لم يشددا في التوبة (?).