قال الطبري: " {الأبرار}: جمع بَرَ، وهم الذين برُّوا الله تبارك وتعالى بطاعتهم إياه وخدمتهم له، حتى أرضوه فرضي عنهم" (?).
وقال الراغب: " {الأبرار} جمع بر وبار، نحو جد وأجداد، وصاحب وأصحاب، وأصله من البر أي المكان الواسع، فبره خوله برا، أي سعة، ويقال للإنسان إذا أكرم من دونه وأكرمه من فوقه بره، كما يقال فيهما: أحب ووالى، والأبرار: هم الموصوفون بقوله {{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} " (?).
قال ابن عثيمين: {الأبرار}: جمع برْ، والبرّ هو: كثير الخيرات، قال تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28]، وأهل الحق والأعمال الصالحة لا شك أنهم مكثرون لفعل الخيرات، وعليه فإنهم أبرار" (?).
قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: {الأبرار}، و {الْأَشْرَارِ} [ص: 62]، و {ذَاتِ قَرَارٍ} [المؤمنون: 50]، وما كان مثله بين الفتح والكسر، وقرأ ابن كثير، وعاصم بالفتح (?).
الفوائد:
1 - أنه ينبغي للإنسان أن يعترف بنعمة الله عليه غير مانّ بها على ربه.
2 - أن دعوة النبي-صلى الله عليه وسلم- دعوة الإيمان.
3 - بيان أن الرسول-صلى الله عليه وسلم- بذل الجهد في دعوة الخلق إلى الحق، لأن النداء يكون برفع الصوت، فكأن الرسول-صلى الله عليه وسلم- يدعو الناس بأعلى صوته يناديهم للإيمان.
4 - أن الكلمات قد يستغني بمضمونها عن تفاصيلها، لقوله: {ربنا إننا آمنّا}، أي: بكل شيء يجب الإيمان به، فكل ما أخبر الله به وصدقنا به وأقررنا به فهو داخل في الإيمان بالله عزّ وجل.
5 - الإشارة إلى بيان العلة لقوله: {أن آمنوا بربكم}، فالرب أهل لأن يؤمن به الإنسان لأنه رب حالق، مالك، مدير، فهو جدير بأن يؤمن به العبد.
6 - أن ذكر الإنسان لعمله الصالح لايحبطه، لأنهم قالوا: {إن آمنوا بربكم فآمنّا}.
7 - جواز التوسل بالدعاء بالأعمال الصالحة، لقولهم: {فاغفر لنا ذنوبنا}، عطفا على قولهم: {ربّنا إننا آمنّا}، والتوسل بالأعمال الصالحة مما ثبت بالسنة أيضا في قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار، عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر - رضى الله عنهما - قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم. فقال رجل منهم اللهم كان لى أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، فنأى بى فى طلب شىء يوما، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح على يدى أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج.
قال النبى صلى الله عليه وسلم وقال الآخر اللهم كانت لى بنت عم كانت أحب الناس إلى، فأردتها عن نفسها، فامتنعت منى حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلى بيني وبين نفسها، ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه. فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهى أحب الناس إلى وتركت الذهب الذى أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه. فانفرجت الصخرة، غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الثالث اللهم إنى استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذى له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال يا عبد الله أد إلى أجرى. فقلت له كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال يا عبد الله لا تستهزئ بي. فقلت إني لا أستهزئ