قال الطبري: أي: " وهم مع نقضهم ميثاقي الذي أخذت عليهم بذلك، يفرحون بمعصيتهم إياي في ذلك، ومخالفتهم أمري ويحبون أن يحمدهم الناس بأنهم أهل طاعة لله وعبادة وصلاة وصوم، واتباع لوحيه وتنزيله الذي أنزله على أنبيائه، وهم من ذلك أبرياء أخلياء، لتكذيبهم رسوله، ونقضهم ميثاقه الذي أخذ عليهم، لم يفعلوا شيئًا مما يحبون أن يحمدهم الناس عليه" (?).
قال ابن كثير: " يعني بذلك المرائين المتكثرين بما لم يُعْطَوا، كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ادَّعَى دَعْوى كاذبة لِيتَكَثَّر بها لم يَزِدْه الله إلا قِلَّة" (?)، وفي الصحيح: "المتشبع بما لم يُعْطَ كلابس ثَوْبَي زُور" (?) " (?).
قوله تعالى: {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} [آل عمران: 188]، أي: " فلا تظنهم بمنجاة من عذاب الله" (?).
قال السمرقندي: " معناه: لا تظنن أنهم ينجون من العذاب بذلك" (?).
قال الفراء: " يقول: ببعيد من العذاب" (?).
قال الطبري: أي: " فلا تظنهم بمنجاة من عذاب الله الذي أعده لأعدائه في الدنيا، من الخسف والمسخ والرجف والقتل، وما أشبه ذلك من عقاب الله، ولا هم ببعيد منه" (?).
قال ابن زيد في قوله: " {فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب}، قال: بمنجاة من العذاب" (?).
قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 188]، أي: "ولهم عذاب مؤلم" (?).
قال الطبري: أي: " ولهم عذابٌ في الآخرة أيضًا مؤلم، مع الذي لهم في الدنيا معجل" (?).
الفوائد:
1 - تحذير من يفرح بما أتى فرح منة أو فرح غدر وخيانة كالمنافقين.
2 - التحذير من محبة الإنسان أن يُحمد بما لم يفعل، وذلك كأن يصرح الإنسان بأنه عمل عملا وهو كاذب، أو يورّي فيظن السامع أنه فاعل وهو لم يفعل.
3 - أنه من كان على هذا الحال فلن ينجو من العذاب.
4 - إثبات العذاب الاليم لمن هذه حاله، وقد عرفنا أنها منطبقة علة صنفين من الناس: أهل الكتاب الذين كتموا صفة الرسول-صلى الله عليه وسلم- والثاني: هم المنافقون.
القرآن
{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)} [آل عمران: 189]
التفسير:
ولله وحده ملك السموات والأرض وما فيهما، والله على كل شيء قدير.
قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 189]، أي: " لله ملك جميع ما حوته السموات والأرض" (?).