أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك، عن ابن عباس قال: "قال جبريل: يا محمد، لله الخلق كله السموات كلهن، والأرضون كلهن ومن فيهن ومن بينهن مما يعلم ومما لا يعلم" (?).
قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران: 180]، أي: "والله مطلع على أعمالكم" (?).
عن سعيد بن جبير: " {والله بما تعملون}، يعني: بما يكون" (?).
قال قتادة: " قوله: {خبير} قال: خبير بخلقه" (?).
قال السمرقندي: " ثم قال تعالى: والله بما تعملون خبير أي عالم بمن يؤدي الزكاة وبمن يمنعها، فيجازي كل نفس بما عملت" (?).
قال الطبري: " أخبر تعالى ذكره أنه بما يعلم هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضل وغيرهم من سائر خلقه، ذو خبرة وعلم، محيط بذلك كله، حتى يجازي كلا منهم على قدر استحقاقه، المحسنَ بالإحسان، والمسيء على ما يرى تعالى ذكره" (?).
قرأ أبو عمرو وابن كثير: {والله بما يعملون خبير}، بالياء، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي {والله بما تعملون خبير} بالتاء (?).
قال الزمخشري: " وقرئ {: بما تعملون} بالتاء، فالتاء على طريقة الالتفات، وهي أبلغ في الوعيد والياء على الظاهر" (?).
الفوائد:
1 - تهديد من بخل بما آتاه الله من فضله، والبخل المتوعد عليه هو منع الواجب من المال.
2 - أن الشيطان قد يغر الإنسان فيقول: لاتنفق فيهلك مالك، والله يحذرنا من هذا الشيطان.
3 - إقامة اللوم والتوبيخ على هؤلاء الذين بخلوا.
4 - أن ما أوتيه الإنسان من علم أو مال أو ولد، فإنه من الله عزّ وجل، وأنه من فضله وحده.
5 - إثبات الجزاء، وإثبات العقوبة العظيمة على هؤلاء الباخلين، وهي انهم يطوّقون به يوم القيامة.
6 - إقامة الحجة بأن البخل ليس بنافع أصحابه، لأن بخلهم لن يخلدهم في الدنيا، ولن يخلد المال لهم، بل ينتقل إلى ورثتهم حتى ينتهي الأمر إلى الله عزّ وجل.
7 - إثبات علم الله عزّ وجل، لقوله: {والله بما تعملون خبير}، والخبرة: هي العلم ببواطن الامور، ومن المعلوم أن العليم ببواطن الأمور عليم بظواهرها من باب اولى.
8 - الإشارة إلى اسم الله"الآخر"، فإن الله هو الأول والآخر، من قوله: {ولله ميراث السماوات والأرض}، فإذا ثبت إرثه لهما لزم منه أن يكون هو الآخر عزّ وجل.
القرآن
{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)} [آل عمران: 181]
التفسير:
لقد سمع الله قول اليهود الذين قالوا: إن الله فقير إلينا يطلب منا أن نقرضه أموالا ونحن أغنياء. سنكتب هذا القول الذي قالوه، وسنكتب أنهم راضون بما كان مِن قَتْل آبائهم لأنبياء الله ظلمًا وعدوانًا، وسوف نؤاخذهم بذلك في الآخرة، ونقول لهم وهم في النار يعذبون: ذوقوا عذاب النار المحرقة.
في سبب نزول الآية وجوه: