واعده اللقاء بها، بعد سنة من غزوة أحد، في شعبان سنة أربع من الهجرة. وذلك أن وقعة أحد كانت في النصف من شوال من سنة ثلاث، وخروج النبي صلى الله عليه وسلم لغزوة بدر الصغرى إليها في شعبان من سنة أربع، ولم يكن للنبيّ صلى الله عليه وسلم بين ذلك وقعة مع المشركين كانت بينهم فيها حرب جرح فيها أصحابه، ولكن قد كان قتل في وقعة الرَّجيع من أصحابه جماعة لم يشهد أحد منهم غزوة بدر الصغرى. وكانت وقعة الرَّجيع فيما بين وقعة أحد وغزوة النبي صلى الله عليه وسلم بدرًا الصغرى" (?).

قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173]، " أي: الذين أرجف لهم المرجفون من أنصار المشركين فقالوا لهم: إِن قريشاً قد جمعت لكم جموعاً لا تحصى فخافوا على أنفسكم، فما زادهم هذا التخويف إِلا إِيماناً" (?).

قال الماوردي: " أما الناس في الموضعين وإن كان بلفظ الجمع فهو واحد لأنه تقدير الكلام جاء القول من قِبَل الناس، والذين قال لهم الناس هم المسلمون" (?).

وفي الناس القائل أربعة أقوال:

أحدها: هو أعرابي جُعِل له على ذلك جُعْل، وهذا قول السدي (?).

والثاني: هو نعيم بن مسعود الأشجعي، وهذا قول مجاهد (?)، ومقاتل (?)، وعكرمة (?)، والواقدي (?).

قال الثعلبي: "وهو على هذا التأويل من العام الذي أريد به الخاص، نظيره قوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} [النساء: 54]، يعني محمدا وحده، وقوله: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: 57]، يريد الرجال وحده" (?).

والثالث: يريد ب (الناس) الركب من عبد القيس. وهذا قول محمد بن إسحاق (?).

والرابع: أنهم قوم من بني هذيل. قاله أبو معشر (?).

وأما {الناس} الثاني، فالمراد: أبو سفيان وأصحابه من قريش، الذين كانوا معه بأحد (?).

واختلفوا في الوقت الذي أراد أبو سفيان أن يجمع لهم هذا الجمع على قولين:

أحدهما: بعد رجوعه على أُحُد سنة ثلاث حتى أوقع الله في قلوب المشركين الرعب كفّوا،

وهذا قول ابن عباس (?)، وعبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (?)، والسدي" (?)، وقتادة (?).

والثاني: أن ذلك في بدر الصغرى سنة أربع بعد أحد بسنه، وهذا قول عكرمة (?)، ومجاهد (?)، وابن جريج (?).

والراجح أن الوقت كان عند مُنْصَرَفهم عن أحد إلى حمراء الأسد. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015