الفوائد:

1 - بيان فضيلة الصحابة-رضي الله عنهم- وأنهم بما معهم من الأعمال نالوا خيرية هذه الأمة.

2 - أن أمر الرسول-صلى الله عليه وسلم- أمر الله، لقوله: {الذين استجابوا لله والرسول}.

3 - أن المصائب محك لمعرفة ارجال.

4 - فضيلة الإحسان والتقوى.

5 - أن الجزاء من جنس العمل، فالتقوى والإحسان من أعظم عمل العبد فكان ثوابها عظيما.

القرآن

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} [آل عمران: 173]

التفسير:

وهم الذين قال لهم بعض المشركين: إن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا أمرهم على الرجوع إليكم لاستئصالكم، فاحذروهم واتقوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم، فزادهم ذلك التخويف يقينًا وتصديقًا بوعد الله لهم، ولم يَثْنِهم ذلك عن عزمهم، فساروا إلى حيث شاء الله، وقالوا: حسبنا الله أي: كافينا، ونِعْم الوكيل المفوَّض إليه تدبير عباده.

في سبب نزول قولان:

أحدها: أخرج الطبري عن ابن عباس قال: استقبل أبو سفيان في منصرفه من أحد عِيرًا واردةَ المدينة ببضاعة لهم، وبينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم حِبال، فقال: إنّ لكم عليَّ رضاكم إن أنتم رددتم عني محمدًا ومن معه، إن أنتم وجدتموه في طلبي، وأخبرتموه أنّي قد جمعت له جموعًا كثيرة. فاستقبلت العيرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: يا محمد إنا نخبرك أنّ أبا سفيان قد جمع لك جموعًا كثيرة، وأنه مقبل إلى المدينة، وإن شئت أن ترجع فافعل! فلم يزده ذلك ومن معه إلا يقينًا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، فأنزل الله تبارك وتعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم}، الآية" (?)، وروي عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (?)، والسدي" (?)، وقتادة (?)، نحو ذلك.

والثاني: أخرج الطبري عن عكرمة قال: "كانت بدر متجرًا في الجاهلية، فخرج ناس من المسلمين يريدونه، ولقيهم ناسٌ من المشركين فقالوا لهم: إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم! فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ الأهبة للقتال وأهبة التجارة، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل! فأتوهم فلم يلقوا أحدًا، فأنزل الله عز وجل فيهم: {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} " (?). وروي عن مجاهد (?)، وابن جريج (?) نحو ذلك.

والصواب –والله أعلم- هو القول الأول، يعني: أن "الذي قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، كان في حال خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخروج من خرج معه في أثر أبي سفيان ومن كان معه من مشركي قريش، مُنْصَرَفهم عن أحد إلى حمراء الأسد، لأن الله تعالى ذكره إنما مدح الذين وصفهم بقيلهم: حسبنا الله ونعم الوكيل، لما قيل لهم: إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، بعد الذي قد كان نالهم من القروح والكلوم بقوله: الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، ولم تكن هذه الصفة إلا صفة من تبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جرحى أصحابه بأحد إلى حمراء الأسد، وأما الذين خرجوا معه إلى غزوة بدر الصغرى، فإنه لم يكن فيهم جريح إلا جريح قد تقادم اندمال جرحه وبرأ كلمُه. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج إلى بدر الخرجة الثانية إليها، لموعد أبي سفيان الذي كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015