عبدالله بن جابر بن عبدالله الأنصاري حين دعاهم فقالوا: ما نعلم قتالا ولئن أطعتمونا لترجعُنّ معنا، فقال: {الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} " (?).

قوله تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ} [آل عمران: 167]، " أي: بإِظهارهم هذا القول صاروا أقرب إِلى الكفر منهم إِلى الإِيمان" (?).

قال السمعاني: " يعني: بعد رجوعهم ومقالتهم تلك؛ لأنهم كانوا من قبل من المؤمنين في الظاهر؛ وإن كانوا منافقين في الباطن، فلما فارقوا المؤمنين صاروا أقرب إلى الكفر منهم للإيمان" (?).

قال الزمخشري: " يعنى: أنهم قبل ذلك اليوم كانوا يتظاهرون بالإيمان وما ظهرت منهم أمارة تؤذن بكفرهم، فلما انخزلوا عن عسكر المؤمنين وقالوا ما قالوا، تباعدوا بذلك عن الإيمان المظنون بهم واقتربوا من الكفر.

وقيل: هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان، لأن تقليلهم سواد المسلمين بالانخزال تقوية للمشركين يقولون بأفواههم لا يتجاوز إيمانهم أفواههم ومخارج الحروف منهم ولا تعى قلوبهم منه شيئا.

وذكر الأفواه مع القلوب تصوير لنفاقهم، وأن إيمانهم موجود في أفواههم معدوم في قلوبهم، خلاف صفة المؤمنين في مواطأة قلوبهم لأفواههم" (?).

قوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران: 167]، "أي: يظهرون خلاف ما يضمرون" (?).

قال محمد بن إسحاق: " يظهرون لك الإيمان، وليس في قلوبهم " (?).

قال الطبري: " فأبدوْا من نفاق أنفسهم ما كانوا يكتمونه، وأبدوا بألسنتهم بقولهم: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، غير ما كانوا يكتمونه ويخفونه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان به" (?).

قال السعدي: " وهذه خاصة المنافقين، يظهرون بكلامهم وفعالهم ما يبطنون ضده في قلوبهم وسرائرهم، ويستدل بهذه الآية على قاعدة «ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما، وفعل أدنى المصلحتين، للعجز عن أعلاهما»؛ لأن المنافقين أمروا أن يقاتلوا للدين، فإن لم يفعلوا فللمدافعة عن العيال والأوطان" (?).

قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران: 167]، أي: " والله أعلم بما يُخفون في صدورهم" (?).

قال محمد بن إسحاق: "، أي: يخفون" (?).

قال الزمخشري: أي: من النفاق، وبما يجرى بعضهم مع بعض من ذم المؤمنين وتجهيلهم وتخطئة رأيهم والشماتة بهم وغير ذلك، لأنكم تعلمون بعض ذلك علما مجملا بأمارات، وأنا أعلم كله علم إحاطة بتفاصيله وكيفياته" (?).

قال الطبري: أي: " والله أعلم من هؤلاء المنافقين الذين يقولون للمؤمنين: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، بما يضمرون في أنفسهم للمؤمنين ويكتمونه فيسترونه من العداوة والشنآن، وأنهم لو علموا قتالا ما تبعوهم ولا دافعوا عنهم، وهو تعالى ذكره محيط بما هم مخفوه من ذلك، مطلع عليه، ومحصيه عليهم، حتى يهتك أستارهم في عاجل الدنيا فيفضحهم به، ويُصليهم به الدرك الأسفل من النار في الآخرة" (?).

الفوائد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015